. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلَوَاتِ أَوْ يُنْدَبُ إلَيْهِ قَوْلَانِ فَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فِيهَا فَهَلْ يَجِبُ لِلصَّلَاةِ أَوْ يُنْدَبُ إلَيْهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ حَكَى فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّهُ وَإِنَّمَا الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي وُجُوبِ السَّتْرِ لَكِنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ هَلْ هُوَ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَاضِيَيْنِ أَبَا إِسْحَاقَ وَابْنَ بُكَيْر وَالشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ السَّتْرَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهَذَا يُعَضِّدُ مَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ وَيُحَقِّقُهُ انْتَهَى.
وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى اشْتِرَاطِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ فَمَتَى انْكَشَفَ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَا يَضُرُّ انْكِشَافُ شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْ الْعَوْرَةِ وَقَدَّرَ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ السَّوْأَتَيْنِ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ وَفِيمَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَقَلَّ مِنْ رُبُعِ الْعَوْرَةِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا إعَادَةَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَعَنْهُ فِي النِّصْفِ رِوَايَتَانِ وَلَمْ يُقَدِّرْ الْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ بَلْ جَعَلُوا الْيَسِيرَ مَا لَا يَفْحُشُ وَمَرْجِعُ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ وَأَمَّا قَدْرُ الْعَوْرَةِ الَّتِي تُسْتَرُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَهِيَ مُقَرَّرَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. .
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «مَا يَمْنَعُ مُوسَى يَغْتَسِلُ» كَذَا رَوَيْنَاهُ هُنَا بِحَذْفِ أَنْ وَرَفْعِ يَغْتَسِلُ وَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: ٦٤] وَقَدْ أَجَازَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ حَذْفَ أَنْ وَرَفْعَ الْفِعْلِ دُونَ نَصْبِهِ وَجَعَلَ مِنْهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَجَعَلَهُ قِيَاسًا مُطَّرِدًا وَمَثَّلَ لَهُ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤] وَقَالَ يُرِيكُمْ صِلَةً لَأَنْ حُذِفَتْ وَبَقِيَ يُرِيكُمْ مَرْفُوعًا.
وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْحَرْفَ عَامِلٌ ضَعِيفٌ فَإِذَا حُذِفَ بَطَلَ عَمَلُهُ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ حَذْفَ (أَنْ) وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الْفِعْلِ بَعْدَهَا مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ فَلَمْ يُجَوِّزُوا مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا سُمِعَ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَيَجُوزُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ النَّصْبُ أَيْضًا بِإِضْمَارِ أَنْ وَمِنْهُ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: ٦٤] بِالنَّصْبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ.
وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إلَى جَوَازِهِ قِيَاسًا فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ هُنَا النَّصْبُ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ وَحَاصِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute