وَعَنْهُ أَنَّ «مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَقَرَأَ فِيهَا اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرُغَ فَصَلَّى وَذَهَبَ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ قَوْلًا شَدِيدًا فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَالَ: إنِّي كُنْت أَعْمَلُ فِي نَخْلٍ وَخِفْت عَلَى الْمَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلِّ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَنَحْوِهَا مِنْ السُّوَرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. ..
ــ
[طرح التثريب]
[حَدِيث صَلَّى معاذ الْعِشَاء باقتربت السَّاعَةُ ومفارقة بَعْض الْمَأْمُومِينَ لَهُ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَعَنْهُ أَنَّ «مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَقَرَأَ فِيهَا اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرُغَ فَصَلَّى وَذَهَبَ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ قَوْلًا شَدِيدًا فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَالَ: إنِّي كُنْت أَعْمَلُ فِي نَخْلٍ وَخِفْت عَلَى الْمَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلِّ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَنَحْوِهَا مِنْ السُّوَرِ» .
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) حَدِيثُ بُرَيْدَةَ هَذَا لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ وَانْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ وَعَزَوْتُهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عُرِفَ أَنَّهُ فِيهِ لِئَلَّا أَسْكُتَ عَلَيْهِ فَيُظَنُّ أَنَّهُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ كَمَا نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ أَنَّ أَحَقَّ الْجَمَاعَةِ بِالْإِمَامَةِ أَفْقَهُهُمْ؛ لِأَنَّ مُعَاذًا كَانَ أَفْقَهُ قَوْمِهِ فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ بَلْ كَانَ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ» الْحَدِيثَ. وَفِيهِ «وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[فَائِدَةٌ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمَأْمُومِينَ] ١
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ وَعُلِمَ أَنَّهُمْ يُؤْثِرُونَ التَّطْوِيلَ فَلَا بَأْسَ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا نَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا عَرَضَ لِبَعْضِ الْمَأْمُومِينَ مِنْ الشُّغْلِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ.
[فَائِدَةٌ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ] ١
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ فَإِنَّ الرَّجُلَ ذَكَرَ أَنَّهُ خَافَ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ قَضِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُمْ يُخْرِجُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى إحْدَى الْهَيْئَاتِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمُفَارَقَتُهُمْ لِعُذْرٍ وَأَمَّا الْمُفَارَقَةُ لِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute