أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ إنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يَقُولُ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ» وَقَالَ الْبُخَارِيُّ «فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: أَنَّ أَذَانَ ابْنِ عُمَرَ كَانَ بِضَجَنَانَ وَلَهُمَا أَنَّ «ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ قَالَ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا؟ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا أَنَّهُ «كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَفِيهِ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ..
ــ
[طرح التثريب]
فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ إنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يَقُولُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» .
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) فِيهِ الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي شِدَّةِ الْمَطَرِ وَالظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مُبَاحٌ.
[فَائِدَةٌ الرُّخْصَة فِي التَّخَلُّف عَنْ مَسْجِد الْجَمَاعَة] ١
(الثَّانِيَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَتَقْدِيرُهُ: أَنَّ الَّذِي رَخَّصَ فِيهِ لِلْمَطَرِ إتْيَانُ الْجَمَاعَةِ.
وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فِي الْبُيُوتِ وَالرِّحَالِ فَلَيْسَ الْمَطَرُ عُذْرًا فِيهَا فَلَمَّا قَالَ «صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» وَأَطْلَقَ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَجِبُ إذْ لَوْ وَجَبَ ذَلِكَ بَيَّنَهُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبَيَانِ.
(الثَّالِثَةُ) «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» لَيْسَ هُوَ أَمْرُ عَزِيمَةٍ حَتَّى يُشْرَعَ لَهُمْ الْخُرُوجُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إلَى مَشِيئَتِهِمْ فَمَنْ شَاءَ صَلَّى فِي رَحْلِهِ، وَمَنْ شَاءَ خَرَجَ إلَى الْجَمَاعَةِ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَمُطِرْنَا فَقَالَ: لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ» فَوَكَلَ ذَلِكَ إلَى مَشِيئَتِهِمْ.
[فَائِدَةٌ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الْمُؤَذِّنُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ] ١
(الرَّابِعَةُ) أَطْلَقَ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الْمُؤَذِّنُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ هَلْ يَقُولُهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute