. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِأَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ حِينَئِذٍ كَانُوا يُنْكِرُونَ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ بِالصَّلَاةِ قَبْلَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ بِالْكُوفَةِ وَكَانَ الْأَمِيرُ بِهَا يَوْمَئِذٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَكَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ خَشِيَ مِنْ إظْهَارِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُخَالَفَةَ الْأَمِيرِ وَفِعْلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْأَئِمَّةِ إذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الِاثْنَيْنِ يَقِفَانِ صَفًّا خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاة] ١
(الثَّامِنَةُ) مَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ كَوْنِ الِاثْنَيْنِ يَصْطَفَّانِ مَعَ الْإِمَامِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا حُجَّةَ فِي الْمَوْقُوفَاتِ مَعَ وُجُودِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَرْفُوعَةِ وَقَدْ رَفَعَ أَبُو دَاوُد هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ فِيهِ، ثُمَّ «قَامَ فَصَلَّى بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ» وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِي إسْنَادِهِ هَارُونَ بْنَ عَنْتَرَةَ وَقَدْ قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ: إنَّهُ مَتْرُوكٌ يَكْذِبُ وَهَذَا جَرْحٌ مُفَسَّرٌ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْثِيقِ أَحْمَدَ وَابْنِ مَعِينٍ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ إلَّا أَنَّهُ عَنْعَنَهُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَلِّسَ إذَا قَالَ عَنْ؛ لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ.
(قُلْت) : كَأَنَّهُ أَرَادَ اتِّفَاقَ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ وَأَمَّا الَّذِينَ يَحْتَجُّونَ بِالْمُرْسَلِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِخَبَرِ الْمُدَلِّسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَرْفُوعَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ يَقِفَانِ صَفًّا خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ أَنَسٍ «صَلَّيْت أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعْنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» .
وَلِلشَّيْخَيْنِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ «فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَا فَأُذِنَ لَهُمَا فَمَا جَلَسَ حَتَّى قَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّي فِي مَنْزِلِك؟ فَأَشَرْت لَهُ إلَى نَاحِيَةٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَفَّنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ» الْحَدِيثَ.
(التَّاسِعَةُ) اخْتَلَفَ عَمَلُ عُلَمَائِنَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي رَفَعَهُ أَبُو دَاوُد إنْ صَحَّ أَوْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَبَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَذَهَبَ الْبَيْهَقِيُّ وَآخَرُونَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ نَاسِخَةٌ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَهَبَ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ إلَى أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute