للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ قُتِلْت فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ فِي الْجَنَّةِ، فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو تَخَلَّى مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا» .

ــ

[طرح التثريب]

الْجَنَّةِ فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو تَخَلَّى مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا» . (فِيهِ) فَوَائِدُ:

{الْأُولَى} اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمْ قَوْلُهُ قَالَ (غَيْرُ عَمْرٍو) وَمَعْنَاهُ أَنَّ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الْكَلَامَ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَهُ عَنْ جَابِرٍ، وَأَنَّهُ قَالَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُرْسَلًا.

{الثَّانِيَةُ} ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنِ بَشْكُوَالَ، وَأَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيَّ فِي مُبْهَمَاتِهِمْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ، وَمُسْتَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ، وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قُومُوا إلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحُمَامِ بَخٍ بَخٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَحْمِلُك عَلَى قَوْلِك بَخٍ بَخٍ قَالَ لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ فَإِنَّك مِنْ أَهْلِهَا قَالَ فَاخْتَرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قِرَانِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيت حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ» وَفِيمَا ذَكَرُوهُ نَظَرٌ لِأَنَّ قِصَّةَ الْمُبْهَمِ كَانَتْ فِي أُحُدٍ، وَهَذِهِ فِي بَدْرٍ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهَا بِهَا، وَقَدْ قَالَ الْخَطِيبُ كَانَتْ قِصَّةَ يَوْمِ بَدْرٍ لَا يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشَارَ إلَى تَضْعِيفِ رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَا تَوْجِيهَ لِذَلِكَ بَلْ الضَّعِيفُ تَفْسِيرُ هَذِهِ بِهَذِهِ، وَكُلٌّ مِنْهَا صَحِيحَةٌ، وَهُمَا قِصَّتَانِ لِشَخْصَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ إنَّهُ كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَجَعَلَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ تَفْسِيرِهِمْ إحْدَى الْقِصَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ الْحُمَامِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ ابْنِ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ، وَقِيلَ إنَّهُ أَوَّلُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْقَاتِلُ لَهُ خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ الْعُقَيْلِيُّ، وَقَتِيلٌ بَلْ أَوَّلُ قَتِيلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ.

[فَائِدَة ثُبُوتُ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ] ١

{الثَّالِثَةُ} وَفِيهِ ثُبُوتُ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>