للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ إلَّا فِيمَا إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ الْمُعْتَادُ وَانْفَتَحَ مَخْرَجٌ تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ فَإِنْ انْفَتَحَ فَوْقَهَا أَوْ انْفَتَحَ تَحْتَهَا مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ أَيْضًا فَفِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحْصُلُ النَّقْضُ بِكُلِّ خَارِجٍ نَجَسٍ مِنْ الْبَدَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْت: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَلَعَلَّهُ قَامَتْ لَهُ قَرَائِنُ حَالِيَّةٌ اقْتَضَتْ هَذَا التَّخْصِيصَ انْتَهَى.

وَلِذَلِكَ أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ الرِّيحِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ فِي رِوَايَتِهِ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الْأَحْدَاثِ لِأَنَّهُ أَجَابَ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ الْمُصَلِّي يُحْدِثُ فِي صَلَاتِهِ فَخَرَجَ جَوَابُهُ عَلَى مَا يَسْبِقُ الْمُصَلِّيَ مِنْ الْأَحْدَاثِ فِي صَلَاتِهِ لِأَنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ وَالْمُلَامَسَةَ غَيْرُ مَعْهُودَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُصَلِّي إذْ أَمْرُهُ بِاسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ فِي الطَّهَارَةِ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَعْيِينَ الْأَحْدَاثِ وَتَعْدَادَهَا قَالَ: وَالْأَحْدَاثُ الَّتِي أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ سِوَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَزَوَالُ الْعَقْلِ بِأَيِّ حَالٍ زَالَ وَالنَّوْمُ الْكَثِيرُ وَالْأَحْدَاثُ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْهَا الْقُبْلَةُ وَالْجِسَةُ وَمَسُّ الذَّكَرِ وَالرُّعَافُ وَدَمُ الْفَصْدِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ نَادِرًا غَيْرُ مُعْتَادٍ مِثْلَ سَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَالدُّودِ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَذًى، وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ.

وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ هَذَا اللَّفْظُ حِرْصًا عَلَى الْبَيَانِ، وَلَيْسَ هَذَا عَادَةَ كَلَامِهِ مِثْلَ «قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا أَنِكْتَهَا لَا يُكَنِّي» وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُخَاطِبُ رَجُلًا أَعْجَمِيًّا مِنْ حَضْرَمَوْت وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْمُصَلِّي يُحْدِثُ فِي صَلَاتِهِ فَأَجَابَ عَلَى مَا يَسْبِقُ الْمُصَلِّيَ مِنْ الْأَحْدَاثِ انْتَهَى.

[فَائِدَةٌ حِكْمَةِ رَبْطِ الطَّهَارَةِ بِالْأَحْدَاثِ] ١

(التَّاسِعَةُ) تَكَلَّمَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ عَلَى حِكْمَةِ رَبْطِ الطَّهَارَةِ بِالْأَحْدَاثِ بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ مُسْتَحْسَنَةٌ عَقْلًا وَعَادَةً، وَلَوْ لَزِمَ فِعْلُهَا كُلَّ وَقْتٍ لَتَعَذَّرَ أَوْ شَقَّ فَعُلِّقَتْ بِحَالٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ الصَّلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>