للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجٍّ مُفْرَدٍ» وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ «أَفْرَدَ الْحَجَّ» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ» وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «تَمَتَّعْنَا مَعَ

ــ

[طرح التثريب]

أَوْ غَيْرِهِ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِ تَأْدِيَةِ نُسُكِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِكُلِّ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ، وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ نَوْعَيْنِ آخَرَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) الْإِطْلَاقُ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ مُطْلَقًا ثُمَّ يَصْرِفُهُ إلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كِلَيْهِمَا (وَالثَّانِي) التَّعْلِيقُ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَلَا يَرُدُّ عَلَى مَا حَكَيْته مِنْ الْإِجْمَاعِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا نَهَيَا عَنْ التَّمَتُّعِ فَلِأَصْحَابِنَا عَنْ ذَلِكَ جَوَابَانِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُمَا نَهَيَا عَنْهَا تَنْزِيهًا وَحَمَلَا النَّاسَ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْإِفْرَادُ لَا أَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ بُطْلَانَ التَّمَتُّعِ، وَكَيْفَ يَظُنُّ بِهِمَا هَذَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] .

(ثَانِيهُمَا) أَنَّهُمَا نَهَيَا عَنْ التَّمَتُّعِ الَّذِي فَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي حَجَّةِ الْوَادِعِ وَهُوَ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ كَانَ خَاصًّا لَهُمْ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَنْ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بُطْلَانُ التَّمَتُّعِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَيْهِ بَلْ الْمُخْتَارُ فِي مَذْهَبِهِ مَا قَدَّمْته وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فَقَالَ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّمَتُّعُ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ وَالْقِرَانُ عَلَى مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَلَا يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ.

[فَائِدَة حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ مُفْرِدًا أَمْ مُتَمَتِّعًا أَمْ قَارِنًا] ١

(الثَّالِثَةُ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَامَ حَجَّتِهِ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَكَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَتَى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ» . وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ «أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَهَلَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ» . وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ «أَقْبَلْنَا مُهَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجٍّ مُفْرَدٍ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ «بِالْحَجِّ خَالِصًا

<<  <  ج: ص:  >  >>