وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ» زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَوْ قَالَ بِمَاءِ زَمْزَمَ» شَكَّ هَمَّامٌ..
ــ
[طرح التثريب]
وَكَالْأَمْرِ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ وَبِالتَّحْصِينِ وَمُجَانَبَةِ الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إلَى التَّهْلُكَةِ مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لَا يَتَغَيَّرُ وَالْمَقَادِيرَ لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْ أَوْقَاتِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْمُقَدَّرَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعَةُ) (قَوْلُهُ) إلَّا السَّامَ يَقْتَضِي أَنَّ السَّامَ وَهُوَ الْمَوْتُ دَاءٌ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَيْسَ دَاءً، وَإِنَّمَا هُوَ عَدَمٌ وَفَنَاءٌ فَيَحْتَمِلُ أَوْجُهًا: (أَحَدُهَا) أَنَّهُ سَمَّاهُ دَاءً عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ دَاءٌ يُضْعِفُ وَالْمَوْتُ يُعْدِمُ. (ثَانِيهَا) أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنَّ السَّامَ لَا دَوَاءَ لَهُ كَمَا قَالَ وَدَاءُ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ، وَإِطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْمُنْقَطِعِ مَجَازٌ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ثَالِثُهَا) أَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْمَرَضِ الَّذِي عِنْدَ الْمَوْتِ وَفَرَاغِ الْأَجَلِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهِ الدَّوَاءُ.
[حَدِيث الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ» .
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ «اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ» ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ «فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ» وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمٍ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كِلَاهُمَا بِلَفْظِ «إنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى» وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ هُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا وَلَهَبِهَا وَانْتِشَارِهَا، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute