للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ لَيْسَ غَايَةً لِلْإِبْعَادِ فِي الْإِدْبَارِ بَلْ غَايَةً لِلزِّيَادَةِ فِي الضُّرَاطِ.

وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْصِدُ بِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ تَصْمِيمَ أُذُنِهِ عَنْ سَمَاعِ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ لَكِنْ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَتِهِ فِي الْإِبْعَادِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ذَهَبَ حَتَّى يَكُونَ مَكَانَ الرَّوْحَاءِ قَالَ سُلَيْمَانُ يَعْنِي الْأَعْمَشَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّوْحَاءِ فَقَالَ: هِيَ مِنْ الْمَدِينَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مِيلًا» .

[فَائِدَةٌ هَلْ الْأَذَان أَفْضَلُ أُمّ الْإِمَامَةِ]

(الْعَاشِرَةُ) قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ صَحَّحَ تَفْضِيلَ الْإِمَامَةِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْ الْأَذَانِ وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ بِهِ أَصْحَابُنَا أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالْقَاضِيَانِ ابْنُ كَجٍّ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَسْعُودِيُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أُحِبُّ الْأَذَانَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنَيْنِ» وَأَكْرَهُ الْإِمَامَةَ لِلضَّمَانِ، وَمَا عَلَى الْإِمَامِ فِيهَا، وَإِذَا أَمَّ انْبَغَى أَنْ يَتَّقِيَ وَيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ فِي الْإِمَامَةِ، فَإِنْ فَعَلَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى.

وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَوَّلَ هَذَا النَّصِّ مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى تَرْجِيحِ الْأَذَانِ مُطْلَقًا وَأَغْفَلَ بَقِيَّتَهُ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْته وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا جِنْسُ الشَّيْطَانٍ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ مِنْ الشَّيَاطِينِ دُونَ وَاحِدٍ وَالشَّيْطَانُ كُلُّ عَاتٍ مُتَمَرِّدٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْجِنِّ أَوْ الْإِنْسِ أَوْ الدَّوَابِّ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا شَيَاطِينُ الْجِنِّ خَاصَّةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالشَّيْطَانِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ إبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ.

[هُرُوبُ الشَّيْطَانِ مِنْ الْأَذَانِ] ١

فَائِدَةٌ هَلْ يَتَوَقَّفُ هُرُوبُ الشَّيْطَانِ مِنْ الْأَذَانِ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا شَرْعِيًّا مُسْتَجْمِعًا لِلشُّرُوطِ.

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) هَلْ يَتَوَقَّفُ هُرُوبُ الشَّيْطَانٍ مِنْ الْأَذَانِ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا شَرْعِيًّا مُسْتَجْمِعًا لِلشُّرُوطِ وَاقِعًا فِي الْوَقْتِ مَقْصُودًا بِهِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ يَهْرُبُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِصُورَةِ الْأَذَانِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي الْأَوَّلُ.

وَكَلَامُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ الثَّانِيَ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ «أَرْسَلَنِي أَبِي إلَى بَنِي حَارِثَةَ وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا أَوْ صَاحِبٌ لَنَا فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ قَالَ وَأَشْرَفَ الَّذِي مَعِي عَلَى الْحَائِطِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَذَكَرْت ذَلِكَ لِأَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>