للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ عِيسَى سَرَقْت؟ قَالَ كَلًّا، وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، قَالَ عِيسَى آمَنْت بِاَللَّهِ وَكَذَّبْت بَصَرِي»

ــ

[طرح التثريب]

فَبِاعْتِبَارِهِمْ يَكُونُ الْغَضَبُ أَغْلَبَ مِنْ الرَّحْمَةِ فَإِذَا حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إشْكَالٌ وَقَدْ يُقَالُ إذَا ضَمَّ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ رَحْمَتَهُ الدُّنْيَوِيَّةَ لِلْكُفَّارِ صَارَتْ الرَّحْمَةُ أَغْلَبَ مِنْ الْغَضَبِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا سِيقَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مَعْرِضِ الرَّجَاءِ وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَالْوَعْدِ بِرَحْمَتِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّمَا تَقَعُ الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ فِي حَقِّ مَنْ يَحْتَمِلُهَا، وَهُوَ الْمُؤْمِنُ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي دَارِ الْبَقَاءِ الْأَبَدِيِّ فِي الرَّحْمَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُقَايَسَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا فِي حَقِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة ضَبْط حُقُوقِ النَّاسِ بِكِتَابَتِهَا وَتَسْجِيلِهَا] ١

(الْخَامِسَةُ) : اسْتَأْنَسَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِمَا يَفْعَلُهُ الْحُكَّامُ مِنْ تَسْجِيلِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْكُمُونَ بِهَا وَجَعَلَ نُسْخَةً فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ وَأُخْرَى مَعَ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ غَنِيٌّ عَنْ التَّذْكِيرِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى كِتَابَةِ تَقْدِيرَاتِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَقْتَدِيَ بِهِ خَلَفُهُ مِنْ حُكَّامِ الدُّنْيَا فِي ضَبْطِ حُقُوقِ النَّاسِ بِكِتَابَتِهَا وَتَسْجِيلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى تَذَكُّرِهَا وَأَقْرَبُ إلَى حِفْظِهَا كَمَا قِيلَ فِي خَلْقِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ إنَّ ذَلِكَ تَعْلِيمٌ لِخَلْقِهِ التَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ وَالتُّؤَدَةَ فِيهَا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادِرٌ عَلَى خَلْقِهَا وَخَلْقِ أَمْثَالِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] .

[بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ]

[حَدِيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ]

بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ عِيسَى سَرَقْت؟ قَالَ كَلًّا وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ قَالَ عِيسَى آمَنْت بِاَللَّهِ وَكَذَّبْت عَيْنَيَّ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:

(الْأُولَى) : اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «وَكَذَّبْت نَفْسِي:» .

(الثَّانِيَةُ) : قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>