. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالسِّيرَافِيُّ مِنْهُ وَرَوَاهُ شَاذًّا وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا حَقِيقَةَ الْإِغْرَاءِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتَهُ فَلَمْ يُرِدْ هَذَا الْقَائِلُ تَبْلِيغَ هَذَا الْغَائِبِ وَلَا أَمْرَهُ بِإِلْزَامِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْسِهِ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْغَائِبِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَأَتٍّ لَهُ مِنْهُ مَا يُرِيدُ فَجَاءَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ إلَيْك عَنِّي أَيْ اجْعَلْ شُغْلَك بِنَفْسِك عَنِّي وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُغْرِيَهُ بِهِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ دَعْنِي وَكُنْ كَمَنْ شَغَلَ عَنِّي.
وَ (ثَالِثُهَا) عَدُّهُمْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ إغْرَاءِ الْغَائِبِ جُمْلَةً وَالْكَلَامُ كُلُّهُ لِلْحُضُورِ الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ: مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهَا هُنَا لَيْسَتْ لِلْغَائِبِ وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْ خُصَّ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ إذْ لَا يَصِحُّ خِطَابُهُ بِكَافِ الْخِطَابِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مِنْهُمْ وَلِإِبْهَامِهِ بِلَفْظَةِ مَنْ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] إلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨] وَكَقَوْلِهِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] إلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: ١٨٤] وَكَقَوْلِهِ {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا} [الأحزاب: ٣١] فَهَذِهِ الْهَاءَاتُ كُلُّهَا ضَمَائِرُ لِلْحَاضِرِ لَا لِلْغَائِبِ وَمِثْلُهُ لَوْ قُلْتَ لِرَجُلَيْنِ: مَنْ قَامَ الْآنَ مِنْكُمَا فَلَهُ دِرْهَمٌ فَهَذِهِ الْهَاءُ لِمَنْ قَامَ مِنْ الْحَاضِرِينَ. انْتَهَى كَلَامُ الْقَاضِي وَعُدَّ الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْمِثَالِ مِنْ إغْرَاءِ الْغَائِبِ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَإِنْكَارُ الْقَاضِي ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَأَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ.
[فَائِدَة التَّائِقِ إلَى النِّكَاحِ الْعَاجِزِ عَنْ مُؤَنِهِ] ١
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ إرْشَادُ التَّائِقِ إلَى النِّكَاحِ الْعَاجِزِ عَنْ مُؤَنِهِ إلَى الصَّوْمِ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الشَّهْوَةِ فَإِنَّ شَهْوَةَ النِّكَاحِ تَابِعَةٌ لِشَهْوَةِ الْأَكْلِ تَقْوَى بِقُوَّتِهَا وَتَضْعُفُ بِضَعْفِهَا وَفِيهِ أَنَّ الصَّوْمَ بِهَذَا الْقَصْدِ صَحِيحٌ يُثَابُ عَلَيْهِ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) الْوِجَاءُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْجِيمِ مَمْدُودٌ، وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: وَجَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَصْرِ قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَفَاءُ فِي ذَوَاتِ الْخُفِّ. انْتَهَى.
وَالْوِجَاءُ هُوَ رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَأَصْلُهُ الْغَمْزُ وَالطَّعْنُ وَمِنْهُ وَجَأَهُ فِي عُنُقِهِ وَوَجَأَ بَطْنَهُ بِالْخِنْجَرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْوِجَاءُ أَنْ تُوجَأَ الْعُرُوقُ وَالْخُصْيَتَانِ بَاقِيَتَانِ بِحَالِهِمَا وَالْخِصَاءُ شَقُّ الْخُصْيَتَيْنِ وَاسْتِئْصَالُهُمَا وَالْجَبُّ أَنْ تُحْمَى السُّفْرَةُ ثُمَّ يُسْتَأْصَلُ بِهَا الْخُصْيَتَانِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْوِجَاءِ بَلْ سَمَّى الصَّوْمَ وِجَاءً؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ فِعْلَهُ وَيَقُومُ مَقَامَهُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ وَيَدْفَعُ شَرَّ الْجِمَاعِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْوِجَاءُ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُشَابَهَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ.
[فَائِدَة التَّعَالُجِ لِقَطْعِ الْبَاءَةِ بِالْأَدْوِيَةِ وَنَحْوِهَا] ١
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute