. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
شَدَّدَ بَعْضُ التَّابِعِينَ فَأَوْجَبَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَلَوْ قَدْرَ حَلْبِ شَاةٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ.
[فَائِدَة هَلْ الَّذِي يُصْبِح خَبِيث النَّفْس كَسْلَان هُوَ الَّذِي يَتْرُك جَمِيع الْخِصَال أَوْ بَعْضهَا]
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ «فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ» مَعْنَاهُ لِسُرُورِهِ بِمَا وَفَّقَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُ مِنْ الطَّاعَةِ وَوَعَدَهُ بِهِ مِنْ ثَوَابِهِ مَعَ مَا يُبَارَكُ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ أُمُورِهِ مَعَ مَا زَالَ عَنْهُ مِنْ عُقَدِ الشَّيْطَانِ وَتَثْبِيطِهِ وَقَوْلُهُ «وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» مَعْنَاهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ عُقَدِ الشَّيْطَانِ وَآثَارِ تَثْبِيطِهِ وَاسْتِيلَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ نَشِيطًا لِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لِكَوْنِهِ أَلِفَهَا طَيِّبَ النَّفْسِ لِرَجَاءِ ثَوَابِ مَا فَعَلَ وَقَوْلُهُ خَبِيثَ النَّفْسِ أَيْ بِشُؤْمِ تَفْرِيطِهِ وَتَمَامِ خَدِيعَةِ الشَّيْطَانِ لَهُ كَسْلَانَ أَيْ مُتَثَاقِلٌ عَنْ الْخَيْرَاتِ وَرُبَّمَا يَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى تَضْيِيعِ الْوَاجِبَاتِ انْتَهَى وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنَّهُ أَحْسَنُ بَيَانًا وَإِيضَاحًا.
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) كَوْنُهُ يُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ، هَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِي هِيَ الذِّكْرُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ فَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ أَوْ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ الْمَجْمُوعِ حَتَّى لَوْ أَتَى بِبَعْضِهِ لَا يَنْفِي عَنْهُ خَبُثَ النَّفْسِ وَالْكَسَلَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الذِّكْرُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَنْ يُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ انْتَهَى.
وَقَدْ يُقَالُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ انْتَفَى عَنْهُ خُبْثُ النَّفْسِ وَالْكَسَلُ انْتِفَاءً كَامِلًا وَإِذَا أَتَى بِبَعْضِهَا انْتَفَى عَنْهُ بَعْضُ خُبْثِ النَّفْسِ وَالْكَسَلِ بِقَدْرِ مَا أَتَى بِهِ مِنْهَا فَلَيْسَ عِنْدَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ وَالْكَسَلِ مَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ أَصْلًا.
(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) إنْ قُلْت كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ وَصْفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَاعِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَبِيثَ النَّفْسِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي؟» قُلْت ذَلِكَ الْحَدِيثُ نُهِيَ الْإِنْسَانَ أَنْ يَقُولَ هَذَا اللَّفْظَ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ صِفَةِ غَيْرِهِ.
(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «كَسْلَانَ» غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْأَلْفِ وَالنُّونِ الْمَزِيدَتَيْنِ وَهُوَ مُذَكَّرُ كَسْلَى وَوَقَعَ لِبَعْضِ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ كَسْلَانًا مَصْرُوفًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute