للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ الْوُضُوءِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْوُضُوءِ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجَنَابَةِ.

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ» رُوِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْجَمْعِ وَبِإِسْكَانِهَا عَلَى الْإِفْرَادِ كَاللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «الْعُقَدُ» وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ «الْعُقَدُ كُلُّهَا» وَنَقَلَ ` ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الثَّانِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ انْحَلَّ بِالصَّلَاةِ تَمَامُ عُقَدِهِ فَإِنَّهُ قَدْ انْحَلَّ بِالذِّكْرِ وَالْوُضُوءِ اثْنَانِ مِنْهَا وَمَا بَقِيَ إلَّا وَاحِدَةٌ فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتْ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ وَحَصَلَ حِينَئِذٍ تَمَامُ انْحِلَالِ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ» وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.

[فَائِدَة فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ]

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَإِنْ قَلَّتْ لَكِنْ هَلْ يَحْصُلُ انْحِلَالُ عُقْدَةِ الشَّيْطَانُ الْأَخِيرَةِ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بِتَمَامِهَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَوْ أَفْسَدَهَا قَبْلَ تَمَامِهَا لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ غَرَضٌ وَرَأَيْت وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْحِكْمَةِ فِي افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ اسْتِعْجَالُ حَلِّ عُقَدِ الشَّيْطَانِ وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ بَدِيعٌ وَمُقْتَضَاهُ مَا رَجَّحْته مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِتَمَامِ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْدِشُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَزَّهٌ عَنْ عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَ ذَلِكَ تَشْرِيعًا لِأُمَّتِهِ لِيَقْتَدُوا بِهِ فَيَحْصُلَ لَهُمْ هَذَا الْمَقْصُودُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الشَّيْطَانُ يَعْقِدُ عَلَى رَأْسِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ] ١

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ عَقْدِ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ، وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِهِ وَإِنْ صَلَّى بَعْدَهُ وَإِنَّمَا تَنْحَلُّ عُقَدُهُ بِالذِّكْرِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ قَالَ وَيُتَأَوَّلُ كَلَامُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْعَقْدِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَجَعَلَ مَنْ صَلَّى وَانْحَلَّتْ عُقَدُهُ كَمَنْ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ لِزَوَالِ أَثَرِهِ قُلْت مَا أُوِّلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُخَارِيِّ وَاضِحٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ إنْ أَرَادَ أَنَّ الشَّيْطَانَ إنَّمَا يَعْقِدُ عَلَى رَأْسِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ وَصَلَّى الْعِشَاءَ انْحَلَّتْ الْعُقَدُ وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ أَمَّا مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فَقَدْ قَامَ بِمَا عَلَيْهِ فَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>