. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ إنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ» وَرُوِيَتْ الْقِصَّةُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَجَابِرٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَغَيْرِهِمَا.
(الثَّانِيَةُ) اسْتَشْكَلَ قَوْلُهَا «فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَيَّ» لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَهْرٌ لَا عَلَى الْكَمَالِ وَلَا عَلَى النُّقْصَانِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً بِأَيَّامِهَا فَإِنَّ الْعَرَبَ تُؤَرِّخُ بِاللَّيَالِيِ وَتَكُونُ الْأَيَّامُ تَابِعَةً لَهَا وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا (فَإِنْ قُلْت) فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَخَرَجَ إلَيْنَا صَبَاحَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ دُخُولُهُ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ قُلْت قَدْ أَوَّلُهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ صَبَاحُ اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَهِيَ صَبِيحَةُ ثَلَاثِينَ وَدَعَاهُ إلَى ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّ قَوْلَهُ فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا يَقْطَعُ النِّزَاعَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَعْدَ ذِكْرِهِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ: مَعْنَاهُ كُلُّهُ بَعْدَ تَمَامِ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ فَلَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا.
(الثَّالِثَةُ) صَرَّحَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ حَلِفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى أَزْوَاجِهِ شَهْرًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَنَسٍ وَغَيْرِهِمَا «آلَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نِسَائِهِ» أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْحَلِفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَالرِّوَايَاتُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَإِنَّ الْإِيلَاءَ فِي اللُّغَةِ مُطْلَقُ الْحَلِفِ لَكِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي حَلِفٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُسْتَعْمَلُ الْإِيلَاءُ عِنْدَهُمْ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَالْإِيلَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَهَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا وَتَعْدِيَتُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهَا بِمَنْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ وَهُوَ يَتَعَدَّى بِمِنْ.
[فَائِدَة هِجْرَانِ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] ١
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ جَوَازُ هِجْرَانِ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا تَعَلَّقَتْ بِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ دِينِيَّةٌ مِنْ صَلَاحِ حَالِ الْمَهْجُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute