. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَعَدَمِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا خَالَطَهَا.
وَهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَوِي فِيهِ سَائِرُ الْأَنْجَاسِ فَلَا يُتَّجَهُ تَخْصِيصُ بَوْلِ الْآدَمِيِّ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى إلَى أَنْ قَالَ: فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْبَوْلِ وَرَدَ تَنْبِيهًا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ، وَالْوُقُوفِ عَلَى مُجَرَّدِ الظَّاهِرِ هَهُنَا مَعَ وُضُوحِ الْمَعْنَى وَشُمُولِهِ لِسَائِرِ الْأَنْجَاسِ ظَاهِرِيَّةٌ مَحْضَةٌ.
[فَائِدَةٌ الْمَاءَ لَا يَتَنَجَّسُ عِنْدَهُ بِوُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ]
(الْعَاشِرَةُ) حَمَلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النَّهْيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَتَنَجَّسُ عِنْدَهُ بِوُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا جَارِيًا كَانَ أَوْ رَاكِدًا وَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» الْحَدِيثَ. وَلَكِنْ رُبَّمَا تَغَيَّرَ الرَّاكِدُ بِالْبَوْلِ فِيهِ فَيَكُونُ الِاغْتِسَالُ بِهِ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا يَلْتَفِتُ عَلَى حَمْلِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ قَالَ، وَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا: إنَّ حَالَةَ التَّغَيُّرِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي مَعْنَيَيْنِ قَالَ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنْ جَعَلْنَا النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْكَرَاهَةِ، وَالتَّحْرِيمِ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى مَنْعِهِ انْتَهَى وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ عَنْ مَالِكٍ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ طَهُورٌ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى سَدِّ الذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى تَغَيُّرِهِ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.
[فَائِدَةٌ نَجَاسَة الْمَاء الْمُسْتَعْمَل] ١
(الْحَادِيَةَ عَشَرَ) اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ نَجِسٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ رِوَايَةٌ عَنْهُ، فَإِنَّهُ قَرَنَ فِيهِ بَيْنَ الْبَوْلِ فِيهِ، وَالِاغْتِسَالِ مِنْهُ، وَالْبَوْلُ يُنَجِّسُهُ فَكَذَلِكَ الِاغْتِسَالُ، وَرَدَّهُ الْجُمْهُورُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ دَلَالَةَ الِاقْتِرَانِ ضَعِيفَةٌ قَالَ بِهَا أَبُو يُوسُفَ وَالْمُزَنِيِّ وَخَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِمَا قَوْله تَعَالَى {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اقْتِرَانِ الْأَكْلِ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وُجُوبُ الْأَكْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّا وَلَوْ سَلَّمْنَا دَلَالَةَ الِاقْتِرَانِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ بَلْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَتَطَهَّرُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا كَوْنُ الِامْتِنَاعِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِلنَّجَاسَةِ فَغَيْرُ لَازِمٍ بَلْ الْأَوَّلُ لِتَنَجُّسِهِ بِهِ، وَالثَّانِي لِاسْتِعْمَالِهِ وَهَكَذَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute