بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ ثُمَّ تُوبِي إلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْت لِأَبِي أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَالَ، فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت لِأُمِّي أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ فَقُلْت وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآنِ، وَاَللَّهِ لَقَدْ عَرَفْت أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَإِنْ قُلْت لَكُمْ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنْ اعْتَرَفْت لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ تُصَدِّقُونِي وَإِنِّي وَاَللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ
ــ
[طرح التثريب]
قَوْلُهُ:
مَتَى تَأْتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا
أَيْ مَتَى يَقَعُ مِنْك هَذَا النَّادِرُ وَقَوْلُهُ «فَاسْتَغْفِرِي: اللَّهَ ثُمَّ تُوبِي إلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ:» فِيهِ قَبُولُ التَّوْبَةِ وَالْحَثُّ عَلَيْهَا، وَفِيهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاعْتِرَافِ لَا يُغْنِي عَنْ التَّوْبَةِ بَلْ إذَا اعْتَرَفَ بِهِ مُتَفَصِّلًا نَادِمًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاعْتِرَافَ بِذَلِكَ لِلنَّاسِ بَلْ الِاعْتِرَافُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ وَأَمَّا قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ إنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِنَّ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِنَّ الِاعْتِرَافُ بِمَا يَكُونُ مِنْهُنَّ إذْ لَا يَحِلُّ لِلنَّبِيِّ إمْسَاكُهُنَّ وَهُنَّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَقَدْ رَدَّهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ مُنَزَّهَاتٌ عَنْ صُدُورِ الْفَاحِشَةِ مِنْهُنَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة تَفْوِيضُ الْكَلَامِ إلَى الْكِبَارِ] ١
(الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ) : قَوْلُهَا «فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي:» هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ أَيْ ارْتَفَعَ وَقَدْ أَوْضَحَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا «حَتَّى مَا أَحُسُّ مِنْهُ قَطْرَةً:» وَذَلِكَ لِاسْتِعْظَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute