. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا»
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْته فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الصِّيَامِ وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ انْتَهَى. وَمَا حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ هُوَ أَشْهَرُ قَوْلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَأَصَحُّهُمَا لَكِنْ آخِرُ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ فَفِي الْأُمِّ قَالَ الرَّبِيعُ قَالَ الشَّافِعِيِّ بَعْدُ لَا يَجُوزُ عَلَى رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ، وَإِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ الْوَاحِدُ فَهَلْ هُوَ رِوَايَةٌ أَوْ شَهَادَةٌ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ شَهَادَةٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ؟ قَالَ الْجُمْهُورُ هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي كَوْنِهِ رِوَايَةً أَوْ شَهَادَةً وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً وَوَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ الْجُمْهُورَ عَلَى الِاكْتِفَاءٍ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِعَدْلٍ وَاحِدٍ لَكِنْ خَصُّوا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ مِنْ غَيْمٍ أَوْ غُبَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ وَأَجْرَوْهُ مُجْرَى الرِّوَايَةِ فَقَبِلُوا فِيهِ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَالْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَقَالُوا لَا يَخْتَصُّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَذَهَبَتْ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَسَائِرِ الشُّهُودِ، وَقَالَ بِهِ أَيْضًا الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَعَدِيٌّ أَبُو ثَوْرٍ الثُّبُوتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ إلَى شَوَّالٍ أَيْضًا وَعَدَّاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى ذِي الْحَجَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ الْحَجِّ وَذَلِكَ بِرَدِّ قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِفْطَارِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ.
[فَائِدَة إذَا رَأَى أَهْل بَلْدَة هِلَال رَمَضَان فَهَلْ يَلْزَم أَهْل بَلْدَة أُخْرَى] ١
(السَّابِعَةُ) قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْ أَهْلُ بَلَدٍ أُخْرَى لَمْ يَرِدْ فِيهَا الصَّوْمُ لِقَوْلِهِ «حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ» وَأَهْلُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَمْ يَرَوْهُ.
وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَعَدِّيهِ إلَى بَقِيَّةِ الْبِلَادِ فَإِنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ ظَاهِرِهِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ الْحَالُ عَلَى رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِهِ بِالْبَلَدِ بَلْ إذَا ثَبَتَ بِقَوْلِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ فِي الشَّرِيعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute