. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ سَنُوَضِّحُهُ فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ كَوْنُهَا مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ بِالتَّقْدِيرِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْفَائِدَةِ الْأُولَى أَمَّا كَوْنُ الْوُجُوبِ مُتَوَقِّفًا عَلَيْهَا فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لَهُ.
[فَائِدَةٌ صَلَاةُ فَاقِد الطَّهُورَيْنِ]
(الرَّابِعَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَزَادَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ أَيْضًا قَالَ: لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِهَا لِعَدَمِ شَرْطِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِهَا حَالَةَ عَدَمِ شَرْطِهَا فَلَا يَتَرَتَّبُ شَيْءٌ فِي الذِّمَّةِ فَلَا تُقْضَى وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ نَافِعٍ قَالَ:
وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ الطَّهَارَةُ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ انْتَهَى.
وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا الْبِنَاءِ أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ بَشِيرٍ فَقَالَ: سَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ يَعْنِي فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ فَتَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَمَّنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ، أَوْ شَرْطًا فِي الْأَدَاءِ فَيَقِفُ الْفِعْلُ عَلَى الْوُجُودِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ وَلَا الْقَضَاءُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَا أَعْرِفُ كَيْفَ أُقْدِمُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ هَذَا الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ مَعَ خِلَافِهِ جُمْهُورَ السَّلَفِ وَعَامَّةَ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةَ الْمَالِكِيِّينَ قَالَ: وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ مَهْجُورٌ شَاذٌّ مَرْغُوبٌ عَنْهُ انْتَهَى.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أُخَرُ لِلشَّافِعِيِّ وَهِيَ مَذَاهِبُ لِعُلَمَاءَ:
(أَحَدُهَا) : أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَالِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيَجِبُ أَنْ يُعِيدَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ الطَّهُورَيْنِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ.
(الثَّانِي) يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ لِفَقْدِ شَرْطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا تَمَكَّنَ.
(الثَّالِثُ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ أَصَلَّى أَمْ لَمْ يُصَلِّ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: يُصَلِّي إذَا قَدَرَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِإِرَادَةِ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ أَحَدَهُمَا وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُصَلِّي فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ صَلَّى (الرَّابِعُ) تَجِبُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ وَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا فَإِنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَشْهَبُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَهُوَ الْقِيَاسُ وَحُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ، وَلِهَذَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ