للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِإِجْزَاءِ الْمَاءِ وَلَكِنْ لَمَّا حَصَلَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمَاءِ بِكَثْرَتِهِ وَوُرُودِهِ بَطَلَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِشَرْطِ عَدَمِ تَغَيُّرِهَا وَبِشَرْطِ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ، فَإِنْ تَغَيَّرَتْ كَانَتْ نَجِسَةً إجْمَاعًا، وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ بِأَنْ كَانَ فِي الْمَحَلِّ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ كَالدَّمِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يُزِلْهَا الْمَاءُ وَانْفَصَلَ عَنْهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ، فَإِنَّهُ نَجِسٌ أَيْضًا وَزَادَ الرَّافِعِيُّ شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ أَلَّا يَزْدَادَ وَزْنُ الْغُسَالَةِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَلَى قَدْرِهِ قَبْلَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ بِهِ.

وَأَشَارَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ إلَى اعْتِبَارِ إسْقَاطِ مَا يَشْرَبُهُ الْمَغْسُولُ مِنْ الْمَاءِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْغُسَالَةَ نَجِسَةٌ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قُلَّتَيْنِ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ لَهُ: إنَّ الْغُسَالَةَ طَاهِرَةٌ مُطَهِّرَةٌ أَيْضًا مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَحَكَى النَّوَوِيُّ هَذَا الْخِلَافَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وُجُوهًا، وَإِنَّمَا هُوَ أَقْوَالٌ كَمَا صَدَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ كَلَامَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ هَلْ لِلْمَاءِ الْمُزَيَّل لِلنَّجَاسَةِ مِقْدَار مَعِين] ١

(الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ) أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُصَبَّ عَلَى الْبَوْلِ ذَنُوبٌ أَوْ سَجْلٌ هَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْمِقْدَارِ الَّذِي لَا يَكْفِي فِي بَوْلِ الْوَاحِدِ غَيْرُهُ أَوْ الْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ، وَأَنْ يَصِيرَ الْبَوْلُ مَغْمُورًا مُسْتَهْلَكًا فِيهِ؟ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ عَلَى الْمَوْضِعِ غَالِبًا عَلَى النَّجَاسَةِ غَامِرًا لَهَا وَلَا تَقْدِيرَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ آخَرَانِ رُوِيَا عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ سَبْعَةَ أَضْعَافِ الْبَوْلِ، وَالثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يُصَبَّ عَلَى بَوْلِ الْوَاحِدِ ذَنُوبٌ وَعَلَى بَوْلِ الِاثْنَيْنِ ذَنُوبَانِ، وَعَلَى هَذَا أَبَدًا وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ بُعْدٌ لَا سِيَّمَا الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَمَا اسْتَبْعَدَهُ شَيْخُنَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأُمِّ فَقَالَ مَا نَصُّهُ: فَإِذَا بِيلَ عَلَى الْأَرْضِ وَكَانَ الْبَوْلُ رَطْبًا مَكَانَهُ أَوْ نَشَّفَتْهُ الْأَرْضُ وَكَانَ مَوْضِعُهُ يَابِسًا فَصُبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْمُرُهُ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَهْلَكًا فِي التُّرَابِ، وَالْمَاءُ جَارِيًا عَلَى مَوَاضِعِهِ كُلِّهَا مُزِيلًا لِرِيحِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ جَسَدٌ قَائِمٌ وَلَا شَيْءٌ فِي مَعْنَى جَسَدٍ مِنْ رِيحٍ أَوْ لَوْنٍ فَقَدْ طَهُرَ وَأَقَلُّ قَدْرِ ذَلِكَ مَا يُحِيطُ الْعِلْمَ أَنَّهُ كَالدَّلْوِ الْكَبِيرِ عَلَى بَوْلِ الرَّجُلِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْهُ أَضْعَافًا لَا شَكَّ فِي أَنَّ ذَلِكَ سَبْعُ مَرَّاتٍ أَوْ أَكْثَرُ لَا يُطَهِّرُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ.

قَالَ: فَإِنْ بَالَ عَلَى بَوْلِ الْوَاحِدِ آخَرُ لَمْ يُطَهِّرْهُ إلَّا دَلْوَانِ، فَإِنْ بَالَ اثْنَانِ مَعَهُ لَمْ يُطَهِّرْهُ إلَّا ثَلَاثَةٌ، فَإِنْ كَثُرُوا لَمْ يَطْهُرْ الْمَوْضِعُ حَتَّى يُفْرَغَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا يُعْلَمُ أَنْ قَدْ صُبَّ مَكَانَ كُلِّ رَجُلٍ دَلْوٌ عَظِيمٌ أَوْ كَبِيرٌ هَذِهِ عِبَارَتُهُ فِي الْأُمِّ وَمِنْهَا نَقَلْت فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>