. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِنَا لِسُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَضَعَّفَ ابْنُ حَزْمٍ حَدِيثَ مُعَاذٍ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَقَدْ بَسَطْت الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي كُرَّاسَةٍ كَتَبْتهَا قَدِيمًا سَمَّيْتهَا الدَّلِيلُ الْقَوِيمُ عَلَى صِحَّةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ.
[فَائِدَة الْجَمْع فِي السَّفَر أَفْضَلَ مِنْ إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا] ١
(الرَّابِعَةُ) غَايَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ جَوَازُ الْجَمْعِ فَأَمَّا رُجْحَانُهُ وَكَوْنُهُ أَفْضَلَ مِنْ إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيَّنَ بِذَلِكَ الْجَوَازَ أَوْ فَعَلَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّرَخُّصِ وَالتَّوَسُّعِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ خِلَافَهُ وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ بِذَلِكَ وَقَالُوا إنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِيهِ وَعَلَّلُوهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةً مِنْ التَّابِعِينَ لَا يُجَوِّزُونَهُ وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ وَزَادَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ الْجَمْعِ فَقَالَ إنَّ الْجَمْعَ مَكْرُوهٌ رَوَاهُ الْمِصْرِيُّونَ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ جَمْعَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَحَمَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إيثَارِ الْفَضْلِ لِئَلَّا يَتَسَهَّلَ فِيهِ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ لَا كَرَاهَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ كَرِهَ الْجَمْعَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الْحَسَنُ وَمَكْحُولٌ يَكْرَهَانِ الْجَمْعَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ انْتَهَى فَإِنْ أَرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمَ فَهُوَ الْقَوْلُ الْخَامِسُ الْمَحْكِيُّ فِي الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ أَرَادَ التَّنْزِيهَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْمَحْكِيِّ عَنْ مَالِكٍ.
[فَائِدَة الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ] ١
(الْخَامِسَةُ) لَمْ يُبَيِّنْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ هَلْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَفَرٍ أَوْ كَانَ يَخُصُّ بِهِ السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَهُوَ سَفَرُ الْقَصْرِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْجَدِّ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الطَّوِيلِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ وَاقِعَةُ عَيْنٍ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالطَّوِيلِ وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ اخْتِصَاصُهُ بِهِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا اخْتِصَاصُهُ بِالطَّوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute