. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالْعَائِنُ لَيْسَ شَيْءٌ يَقْتُلُ مِنْهُ فِي قَوْلِهِمْ إلَّا نَظَرُهُ، وَهُوَ مَعْنًى خَارِجٌ عَنْ هَذَا كُلِّهِ وَالْحَقُّ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ إلَيْهِ وَإِعْجَابِهِ بِهِ إذَا شَاءَ مَا شَاءَ مِنْ أَلَمٍ أَوْ هَلَكَةٍ، وَكَمَا لَا يَخْلُقُهُ بِإِعْجَابِهِ بِهِ وَبِقَوْلِهِ فِيهِ فَقَدْ يَخْلُقُهُ، ثُمَّ يَصْرِفُهُ دُونَ سَبَبٍ وَقَدْ يَصْرِفُهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ بِالِاسْتِعَاذَةِ فَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بِمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهِ أَبُو إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقُ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» وَقَدْ يَصْرِفُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِالِاغْتِسَالِ، وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَسَنَحْكِيهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَهَبَ شُيُوخُ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْبَاطِنِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْعَيْنُ حَقٌّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْقَدَرَ وَالْعَيْنَ الَّذِي يَجْرِي مِنْهُ الْأَحْكَامُ وَالْقَضَاءُ السَّابِقُ، وَأَنَّ مَا أَصَابَ بِالْعَادَةِ مِنْ ضَرَرٍ عِنْدَ نَظَرِ النَّاظِرِ إنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللَّهِ السَّابِقِ لَا بِشَيْءٍ يُحْدِثُهُ النَّاظِرُ فِي الْمَنْظُورِ. إذْ لَا يُحْدِثُ الْمُحْدَثُ فِي غَيْرِهِ شَيْئًا لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ تَحْدِيدِ النَّظَرِ وَإِدَامَتِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ جَرْيِ عَادَتِهِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَمْتَثِلْ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ التَّبَرُّكِ وَالدُّعَاءِ كَانَ مَذْمُومًا مُؤَاخَذًا بِنَظَرِهِ انْتَهَى.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ بِالْأَنْفُسِ» قَالَ الْبَزَّارُ يَعْنِي بِالْعَيْنِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ الرَّجُلَ بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى يَصْعَدَ حَالِقًا ثُمَّ يَتَرَدَّى مِنْهُ» .
وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «نِصْفُ مَا يُحْفَرُ لِأُمَّتِي مِنْ الْقُبُورِ مِنْ الْعَيْنِ» .
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَيْنُ حَقٌّ وَيُحَضِّرُهَا الشَّيْطَانُ وَجَسَدُ ابْنِ آدَمَ» (قُلْت) وَيَخْطِرُ لِي أَنَّ الشَّيْءَ إذَا ارْتَفَعَ وَرَمَقَتْهُ الْأَعْيُنُ حَطَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَ سَبَبَ ذَلِكَ بَعْضَ الْأَعْيُنِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ الْعَضْبَاءَ نَاقَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَا تُسْبَقُ، وَأَنَّ أَعْرَابِيًّا سَبَقَهَا عَلَى قَعُودٍ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - شَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا وَضَعَهُ» .
[فَائِدَة مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْعَيْنُ حَقٌّ] ١
(الثَّالِثَةُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْعَيْنُ حَقٌّ أَنَّهُ إذَا أَتْلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute