. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ وَمِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ جُزَافًا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا غَيْرِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَهَا أَمْ لَا وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَلَكِنَّ (الْأَظْهَرَ) مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَنَقَلَ أَصْحَابُنَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا كَانَ بَائِعُ الصُّبْرَةِ جُزَافًا يَعْلَمُ قَدْرَهَا. (قُلْت) الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ مِقْدَارَ الْمَبِيعِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَنْ يَبِيعَهُ جُزَافًا حَتَّى يُعَرِّفَ الْمُشْتَرِيَ بِمَبْلَغِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ غَاشٌّ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إذَا عَلِمَ كَالْعَيْبِ وَقَالَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ثُمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادِهِ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُزَافَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْكَسْرُ أَفْصَحُ، وَأَشْهَرُ.
[فَائِدَة مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ حَتَّى يَنْقُلَهُ] ١
{الثَّالِثَةُ} فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ حَتَّى يَنْقُلَهُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِيهِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَإِنَّ الِاسْتِيفَاءَ هُوَ الْقَبْضُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَالْقَبْضُ فِي الْمَنْقُولَاتِ يَكُونُ بِالنَّقْلِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ تَحْوِيلُهُ إلَى مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ بِإِذْنِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمَطْعُومِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اسْتِثْنَاءَ أَمْرَيْنِ مِنْ الْمَطْعُومِ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
(أَحَدُهُمَا) الْمَاءُ وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْهُ فِي الْمَاءِ رِوَايَتَيْنِ.
(الْأَمْرُ الثَّانِي) الطَّعَامُ الْمُشْتَرَى جُزَافًا قَالَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ جَوَازُ بَيْعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ مَالِكًا مِنْ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ مَا اشْتَرَى جُزَافًا مِنْ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا اشْتَرَى مِنْهُ كَيْلًا إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا جُزَافًا فَهَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرَى، وَإِنْ اشْتَرَاهُ مُكَايَلَةً فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَدْ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute