للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا

ــ

[طرح التثريب]

لِقَوْلِهِ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ» وَهَذَا خِطَابٌ لِلذُّكُورِ فَإِنْ قِيلَ يُطْلَقُ عَلَى الْإِنَاثِ تَغْلِيبًا قِيلَ هُوَ مَجَازٌ وَالْأَصْلُ خِلَافُهُ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الَّتِي لَفْظُهَا مَنْ جَاءَ وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ الْمُتَنَاوِلَةِ لِلْإِنَاثِ فَقَدْ خَصَّصَ الْعُمُومَ قَوْلُهُ بَعْدَهُ مِنْكُمْ لَكِنْ إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ اللَّفْظُ الْإِنَاثَ فَحُكْمُهُنَّ كَالرِّجَالِ قِيَاسًا لَهُنَّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِوَاءُ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة حُكْمُ الْغُسْلُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُر الْجُمُعَة] ١

(السَّادِسَةُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَائِدَةِ قَبْلَهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَحَكَى عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لِأَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ سَوَاءٌ حَضَرَ الْجُمُعَةَ أَمْ لَا كَالْعَبْدِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِعُذْرٍ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وُجُوبُ الِاغْتِسَالِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ لِلْيَوْمِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ كَلُزُومِهِ لِغَيْرِهِمَا انْتَهَى وَقَدْ أَبْعَدَ فِي ذَلِكَ جِدًّا.

(السَّابِعَةُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَجِيءِ إلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكَانِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مَسَافَةٌ يَحْتَاجُ إلَى قَطْعِهَا بَلْ الْمُقِيمُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ حُكْمُهُ كَذَلِكَ فَالْمَجِيءُ مِنْ مَكَان آخَرَ لَيْسَ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ وُرُودِ الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَمِنْ الْعَوَالِي فَيَأْتُونَ فِي الْغُبَارِ فَقَالَ لَهُمْ لَوْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا، كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ يَعُمُّ الْآتِيَ مِنْ بُعْدٍ وَمِنْ قُرْبٍ وَمَنْ هُوَ مُقِيمٌ فِي مَكَانِ الْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حَدِيث التَّبْكِير إلَى الْجُمُعَةَ]

{الْحَدِيثُ الرَّابِعُ} وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>