للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جَمَّتَهُ إذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْن مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي قَدْ أَعْجَبَتْهُ جَمَّتُهُ وَبُرْدَاهُ» وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(الثَّانِيَةُ) قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ سَيَقَعُ هَذَا، وَقِيلَ بَلْ هُوَ إخْبَارٌ عَمَّنْ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهَذَا أَظْهَرُ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مَعْنَى إدْخَالِ الْبُخَارِيِّ لَهُ فِي ذِكْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ (قُلْت) : وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمُتَقَدِّمَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا: «إنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» وَرَوَى أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ كُرَيْبٌ قَالَ «كُنْت أَقُودُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي زُقَاقِ أَبِي لَهَبٍ فَقَالَ: يَا كُرَيْبٌ بَلَغْنَا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا؟ قُلْت: أَنْتَ عِنْدَهُ الْآنَ فَقَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ بُرْدَيْنِ، وَيَنْظُرُ فِي عِطْفَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ إذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

[فَائِدَة مَعْنَى الْبُرْدُ] ١

(الثَّالِثَةُ) الْبُرْدُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ نَوْعٌ مِنْ الثِّيَابِ مَعْرُوفٌ. قَالَ فِي الْمُحْكَمِ: ثَوْبٌ فِيهِ خُطُوطٌ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْوَشْيَ وَالْجَمْعُ أَبْرَادٌ وَأَبْرُدٌ وَبُرُودٌ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ الْبُرْدَانِ الرِّدَاءُ وَالْإِزَارُ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ تَثْنِيَةِ الْعُمَرَيْنِ وَالْقَمَرَيْنِ انْتَهَى. وَفِي تَعْيِينِهِ أَنَّ الْبُرْدَيْنِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ كَالْعُمَرَيْنِ وَالْقَمَرَيْنِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ تَغْلِيبٌ وَهَذَا لَا تَغْلِيبَ فِيهِ بَلْ كُلٌّ مِنْ مُفْرَدَيْهِ بُرْدٌ، وَلَوْ قِيلَ لِلْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ إزَارَانِ أَوْ رِدَاءَانِ لَكَانَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ.

١ -

(الرَّابِعَةُ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَفِي الْأُخْرَى «قَدْ أَعْجَبَتْهُ جَمَّتُهُ وَبُرْدَاهُ» . قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ إعْجَابُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ هُوَ مُلَاحَظَتُهُ لَهَا بِعَيْنِ الْكَمَالِ وَالِاسْتِحْسَانِ مَعَ نِسْيَانِ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ رَفَعَهَا عَلَى الْغَيْرِ وَاحْتَقَرَهُ فَهُوَ الْكِبْرُ الْمَذْمُومُ.

(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ يَتَجَلْجَلُ بِالْجِيمِ وَاللَّامِ الْمُكَرَّرَتَيْنِ أَيْ يَتَحَرَّكُ وَيَنْزِلُ مُضْطَرِبًا قَالَهُ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ «يَوْمِ الْقِيَامَةِ» مَجْرُورٌ بِحَتَّى وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى انْتِهَاءِ الْغَايَةِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَجْرُورِ بِهَا آخِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>