. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَالَ التِّرْمِذِيُّ (وَأَحْرَجُ) يَعْنِي أَقْبَحُ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ «أَخْنَى الْأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ بِتَكْرِيرِ أَغْيَظَ قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ تَكْرِيرُهُ وَجْهَ الْكَلَامِ، قَالَ: وَفِيهِ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ بِتَكْرِيرِهِ أَوْ تَغْيِيرِهِ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: لَعَلَّ أَحَدَهُمَا أَغْنَطُ بِالنُّونِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَشَدُّهُ عَلَيْهِ وَالْغَنَطُ شِدَّةُ الْكَرْبِ وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ مُشْكِلُ الْمَعْنَى، وَحَكَاهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ وَلَمْ يَعْتَرِضْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ مُشْكِلُ الْمَعْنَى، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ أَغْنَطَ بِالنُّونِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِالرِّوَايَةِ وَتَطْرِيقُ الْوَهْمِ لِلْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ وَهْمٌ لَا يَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ مَا وُجِدَ لِلْكَلَامِ وَجْهٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى إفَادَةِ تَكْرَارِ الْعُقُوبَةِ بَعْدَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَتَعْظِيمُهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْيَهُودِ {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة: ٩٠] أَيْ بِمَا يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ بَعْدَ الْعُقُوبَةِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ عَاقَبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِأَنْوَاعٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى، قَالَ: وَحَاصِلُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ قَدْ انْتَهَى مِنْ الْكِبْرِ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي لِمَخْلُوقٍ وَأَنَّهُ قَدْ تَعَاطَى مَا هُوَ خَاصٌّ بِالْإِلَهِ الْحَقِّ إذْ لَا يَصْدُقُ هَذَا الِاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ إلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَعُوقِبَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْإِذْلَالِ وَالْإِخْسَاسِ وَالِاسْتِرْذَالِ بِمَا لَمْ يُعَاقَبْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ. انْتَهَى.
[فَائِدَة ضَبط لفظي أَغْيَظُ أَخْنَعُ وَمَعْنَاهُمَا] ١
(الثَّالِثَةُ) قَالَ الْمَازِرِيُّ أَغْيَظُ هُنَا مَصْرُوفٌ عَنْ ظَاهِرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْغَيْظِ فَيُتَأَوَّلُ هُنَا الْغَيْظُ عَلَى الْغَضَبِ وَسَبَقَ شَرْحُ مَعْنَى الْغَضَبِ وَالرَّحْمَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(الرَّابِعَةُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ» فَهُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي النُّسْخَةِ الْكُبْرَى يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَقَطْ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ بِمَعْنَى أَوْضَعَ وَأَبُو عَمْرٍو هَذَا إِسْحَاقُ بْنُ مِرَارٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى وَزْنِ قِتَالٍ، وَقِيلَ: مَرَّارٌ بِفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَعَمَّارِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ كَغَزَالِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute