للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ يَقُولُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ رَاتِبٍ وَفِيمَا إذَا كَانَ زَمِنًا وَيَقُولُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ قَائِمًا وَيَقُولُ بِالْجُلُوسِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ.

[فَائِدَة صَلَّى الْأَصِحَّاءُ وَرَاءَ الْقَاعِدِ قِيَامًا]

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِيمَا إذَا صَلَّى الْأَصِحَّاءُ وَرَاءَ الْقَاعِدِ قِيَامًا هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّهَا لَا تَصِحُّ وَإِلَيْهِ أَوْمَأَ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ وَنَهَاهُمْ عَنْ الْقِيَامِ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَالنَّهْيُ يُقْتَضَى فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَ (الثَّانِي) تَصِحُّ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا صَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ بَعْدَ حِكَايَةِ الْمَذْهَبَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْجَاهِلِ بِوُجُوبِ الْقُعُودِ دُونَ الْعَالِمِ بِذَلِكَ كَقَوْلِنَا فِيمَنْ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ.

[فَائِدَة صَلَّى الْإِمَامُ مُضْطَجِعًا لِعُذْرٍ] ١

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ مُضْطَجِعًا لِعُذْرٍ يُصَلِّي وَرَاءَهُ الْمَأْمُومُونَ مُضْطَجِعِينَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ خَلْفَ الْمُضْطَجِعِ لَا يَضْطَجِعُ انْتَهَى.

وَفِي نَفْيِ الْخِلَافِ نَظَرٌ لِأَنَّ ابْنَ حَزْمٍ يَقُولُ إنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالْمُضْطَجِعِ لَا يُصَلِّي إلَّا مُضْطَجِعًا مُومِيًا إلَّا أَنْ يُقَالَ خِلَافُ الظَّاهِرِيَّةِ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ أَوْ نَرَى هَذَا قَوْلًا مُخْتَرَعًا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ قَائِلُهُ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ مَنْعُ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُضْطَجِعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَمْ يَسْتَوْفُوا الْعَمَلَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» .

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا الِاقْتِدَاءَ بِالْقَاعِدِ مُطْلَقًا فَالْمُضْطَجِعُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَوَافَقَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمُضْطَجِعِ فَمَنَعَ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْمُضْطَجِعِ مَعَ تَجْوِيزِهِ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْمُضْطَجِعِ كَمَا جَوَّزَ اقْتِدَاءَهُ بِالْقَاعِدِ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ فَقَالَ يَقْتَدِي الْقَائِمُ بِالْمُضْطَجِعِ قَائِمًا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ قُدَامَةَ عَلَى مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِأَنَّهُ أَخَلَّ بِرُكْنٍ لَا يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ فَلَمْ يَجُزْ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ الِائْتِمَامُ بِهِ كَالْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّفَلُ مُضْطَجِعًا مَرْدُودٌ فَالْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِنَا صِحَّتُهُ مَضْجَعًا فَبَطَلَ قِيَاسُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ هَذَا يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فَأَمَّا إنْ أَمَّ مِثْلَهُ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>