أَيْ بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْك فَوَاَللَّهِ لَقَلَّ مَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا قَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَ قَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ ، قَالَتْ فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْت
ــ
[طرح التثريب]
{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢] أَيْ مَعَهَا وقَوْله تَعَالَى {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: ٥٢] أَيْ مَعَهُ وَقَوْلُهَا «فَلَمَّا رَجَعْت إلَى بَيْتِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:» الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَدَخَلَ عَلَيَّ زَائِدَةٌ وَقَوْلُهَا «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ:» فِيهِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَذْهَبُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيْهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا بِخِلَافِ ذَهَابِهَا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَلَا تَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِهِ كَمَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
[فَائِدَة الْإِنْسَان يَتَأَسَّى بِغَيْرِهِ] ١
(الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : قَوْلُهَا «فَوَاَللَّهِ لَقَلَّ مَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا:» (الْوَضِيئَةُ) : بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَهْمُوزَةٌ مَمْدُودَةٌ هِيَ الْجَمِيلَةُ الْحَسَنَةُ وَالْوَضَاءَةُ الْحُسْنُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «حَظِيَّةٌ» مِنْ الْحُظْوَةِ وَهِيَ الْوَجَاهَةُ وَارْتِفَاعُ الْمَنْزِلَةِ وَ " الضَّرَائِرُ " جَمْعُ ضَرَّةٍ وَزَوْجَاتُ الرَّجُلِ ضَرَائِرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَضَرَّرُ بِالْأُخْرَى بِالْغَيْرَةِ وَالْقِسْمِ وَغَيْرِهِمَا وَالِاسْمُ مِنْهُ الضِّرِّ بِكَسْرِ الضَّادِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَقَوْلُهَا «إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا:» هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أَكْثَرْنَ الْقَوْلَ فِي عَيْبِهَا وَنَقْصِهَا وَأَرَادَتْ أُمُّهَا بِهَذَا الْكَلَامِ أَنْ تُهَوِّنَ عَلَيْهَا مَا سَمِعْت، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَتَأَسَّى بِغَيْرِهِ مَعَ تَطْيِيبِ خَاطِرِهَا بِجَمَالِهَا وَحُبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا. .
[فَائِدَة التَّعَجُّب بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ] ١
(الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : قَوْلُهَا «قُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ:» فِيهِ جَوَازُ التَّعَجُّبِ بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي الْأَحَادِيثِ.
(السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : قَوْلُهَا «لَا يُرْقَأُ لِي دَمْعٌ:» هُوَ بِالْهَمْزِ أَيْ لَا يَنْقَطِعُ وَقَوْلُهَا «وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ:» أَيْ لَا أَنَامُ.
(السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : قَوْلُهَا «حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيَ:» ضَبَطْنَاهُ بِنَصَبِ قَوْلِهِ الْوَحْيَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ اسْتَلْبَثَ أَيْ اسْتَبْطَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْيَ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، فَإِنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَهَا «اسْتَلْبَثَ:» بِقَوْلِهِ أَيْ (أَبْطَأَ) : وَلَبِثَ وَلَمْ يَنْزِلْ وَكَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ يُوَافِقُ مَا ضَبَطْنَاهُ وَيَقْتَضِي أَنَّ الرَّفْعَ تَجْوِيزٌ لَا رِوَايَةٌ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعُدَ ذِكْرُ النَّصْبِ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ اسْتَلْبَثَ بِمَعْنَى لَبِثَ كَمَا يُقَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute