للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

حِينَ حَدَّثَ بِهَذَا: فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ هَذَا فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِهِ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فَكَرِهَ أَبُو هُرَيْرَةَ ضَرْبَ الْأَمْثَالِ لِلْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ حَوْضًا فَحَصَبَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ أُخْبِرُك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقُولُ أَرَأَيْت إنْ كَانَ حَوْضًا فَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ ضَرْبَ الْأَمْثَالِ بِحَدِيثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ شَدِيدَ الِاتِّبَاعِ لِلْأَثَرِ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهُ إذَا كَانَ الْإِنَاءُ كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ تَحْرِيكُهُ وَلَمْ يَجِدْ إنَاءً يَغْتَرِفُ بِهِ أَخَذَ الْمَاءَ مِنْهُ بِفَمِهِ أَوْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ النَّظِيفِ وَغَسَلَ بِهِ يَدَهُ أَوْ يَسْتَعِينُ بِمَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي

[فَائِدَةٌ النُّهَى عَنْ غَمْسُ الْيَدِ فِي الْإِنَاء هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى]

(الثَّامِنَةُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَمْرِ بِذَلِكَ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ تَعَبُّدٌ حَتَّى إنَّ مَنْ تَحَقَّقَ طَهَارَةَ يَدِهِ فِي نَوْمِهِ بِأَنْ لَفَّ عَلَيْهَا ثَوْبًا أَوْ خِرْقَةً طَاهِرَةً وَاسْتَيْقَظَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَانَ مَأْمُورًا بِغَسْلِهَا لِعُمُومِ أَمْرِ الْمُسْتَيْقِظِ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَإِنْ تَيَقَّنَ طَهَارَةَ يَدِهِ، وَأَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ غَمْسُ الْيَدِ لِلْمُسْتَيْقِظِ مَعَ تَيَقُّنِ طَهَارَةِ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ فَعَلَّلَ الْأَمْرَ بِاحْتِمَالِ طُرُوُّ نَجَاسَةٍ عَلَى يَدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(التَّاسِعَةُ) إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذَلِكَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَأَنَّ الشَّارِعَ أَشَارَ إلَى الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعْنَاهُ أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ، فَإِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ عَرِقَ فَلَا يَأْمَنُ النَّائِمُ أَنْ تَطُوفَ يَدُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ النَّجِسِ أَوْ عَلَى بَثْرَةٍ أَوْ قَمْلَةٍ أَوْ قَذِرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ: اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ غَسْلِ الْيَدِ لِلْمُسْتَيْقِظِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَمَّا لَعَلَّهُ قَدْ مَسَّ مِنْ نَجَاسَةٍ خَرَجَتْ مِنْهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ مِمَّا يَقْذُرُ وَقِيلَ: لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانُوا يَسْتَجْمِرُونَ، وَقَدْ يَمَسُّ بِيَدِهِ أَثَرَ النَّجْوِ قَالَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَاتِ لَا تَخْرُجُ فِي الْغَالِبِ إلَّا بِعِلْمٍ مِنْهُ، وَمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا حُكْمَ لَهُ وَمَوْضِعُ الِاسْتِجْمَارِ لَا تَنَالُهُ يَدُ النَّائِمِ إلَّا مَعَ الْقَصْدِ لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَسْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>