. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِي الزَّمَنِ الْكَثِيرِ مَعَ التَّرَسُّلِ، وَإِعْطَاءِ كُلِّ حَرْفٍ وَمِنْ تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ وَتَسْهِيلِهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» ، وَاَلَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ، وَبِسَبَبِ تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ تَيَسَّرَ لِكَثِيرٍ مِنْ صَالِحِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ كَثْرَةِ التِّلَاوَةِ مَا عَسِرَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَكْثَرُ مَا بَلَغَنَا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ السَّيِّدُ الْجَلِيلُ ابْنُ الْكَاتِبِ الصُّوفِيُّ فِي كَوْنِهِ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي اللَّيْلِ وَأَرْبَعًا فِي النَّهَارِ.
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ (فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي لَفْظٍ آخَرَ بِدَوَابِّهِ وَمُقْتَضَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِرِوَايَةِ الْأَفْرَادِ الْجِنْسَ لَا التَّوْحِيدَ وَزَمَنُ إسْرَاجِ الدَّوَابِّ أَطْوَلُ مِنْ زَمَنِ إسْرَاجِ الدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ دَابَّةٍ سَائِسٌ فَيَسْتَوِي حِينَئِذٍ إسْرَاجُ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي الزَّمَنِ وَقَوْلُهُ تُسْرَجُ رَوَيْنَاهُ بِالرَّفْعِ وَكَأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّهُ قِيلَ يَأْمُرُ فِي دَابَّتِهِ بِمَاذَا فَقِيلَ تُسْرَجُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ أَنْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَسْمَعَ بِالْمُعِيدِي خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْرَجَ أَيْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ إسْرَاجِهَا بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
(الْخَامِسَةُ) فِيهِ فَضْلُ الْأَكْلِ مِنْ عَمَلِ الْيَدِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُد كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ وَالتَّعَفُّفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ» الْحَدِيثَ. مِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ عَمَلَ الْيَدِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ التِّجَارَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ الزِّرَاعَةَ.
[فَائِدَة صِحَّةِ الْإِجَارَةِ] ١
(السَّادِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجَارَةِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ لِنَفْسِهِ فَيَقَعَ الْعَمَلُ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ ثُمَّ يَبِيعَهُ فَيَحْصُلَ لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّبْحِ بِمِقْدَارِ عَمَلِ يَدِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَلْيَقُ بِحَالِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجَارَةِ لَوْ كَانَ فِيهِ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَقَعَ عَمَلُهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ تُسْرَجُ فَإِنَّهُ قَدْ يَدُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute