للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَلَى اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ لِسِيَاسَةِ الدَّابَّةِ، وَهَذَا قَدْ يُنَازَعُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ بِذَلِكَ مَنْ لَيْسَ أَجِيرًا مِمَّنْ تَقْتَضِي الْعَادَةُ اسْتِخْدَامَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَقْدُ إجَارَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَمْرٌ خَفِيفٌ تَقْتَضِي الْعَادَةُ الْمُسَامَحَةَ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ بِتَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ دَوَابُّ كَثِيرَةٌ فَاسْتِخْدَامُ الْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهَا بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَا كَانَ إلَّا بِإِجَارَةٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَاسْتِنْبَاطُ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ غَرِيبٌ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا يَتِمُّ إذَا قُلْنَا: إنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْمَنْعِ لَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ وَرَدَ فِي شَرَعْنَا تَقْرِيرُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَوَرَدَ فِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مَشْهُورَةٌ دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ وَانْعَقَدَ عَلَيْهَا الْإِجْمَاعُ.

(السَّابِعَةُ) قَدْ يُقَالُ فِي حِكْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ أَنَّ فِي الْأُولَى بَيَانَ حَالِهِ فِي أَمْرِ عِبَادَتِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ بَيَانَ حَالِهِ فِي أَمْرِ مَعِيشَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ فِي ذَلِكَ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَهُ دَوَابُّ وَمَنْ يَقُومُ بِشَأْنِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَاطَى أَمْرَهَا بِيَدِهِ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ عُظَمَاءِ الدُّنْيَا فِي أَمْرِ مَعِيشَتِهِ وَالْمَأْكَلِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ هَذَا الِاتِّسَاعِ لَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ تَحَرِّيًا لِلْحَلَالِ وَاسْتِقْلَالًا مِنْ الدُّنْيَا.

(الثَّامِنَةُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِمَا كَانَ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ وَيَأْكُلُ الدُّرُوعَ السَّابِغَاتِ الَّتِي يُسِّرَ لَهُ عَمَلُهَا وَأُلِينَ لَهُ حَدِيدُهَا، وَقَالَ أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ كَانَ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْمَلُ الْقِفَافَ وَيَأْكُلُ مِنْهَا وَذَكَرَ مَعْمَرٌ أَنَّ سُلَيْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَعْمَلُ الْخُوصَ فَقِيلَ لَهُ أَتَعْمَلُ هَذَا وَأَنْتَ الْمَدَائِنُ تُجْرَى عَلَيْك رِزْقٌ قَالَ إنِّي أُحِبُّ أَنْ آكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِي.

(التَّاسِعَةُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ مَا يَأْكُلُهُ هُوَ وَعِيَالُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْتَصِرَ بِذَلِكَ عَلَى قُوتِ نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَهُوَ أَقْرَبُ.

(الْعَاشِرَةُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَوْنِهِ لَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ أَنَّهُ لَا يَكِلُ أَمْرَ قُوتِهِ إلَى غَيْرِهِ فَكَانَ هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى الْعَجْنَ وَالطَّبْخَ، وَغَيْرَهُمَا مِنْ آلَاتِ الْأَكْلِ لِنَفْسِهِ وَتَكُونُ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>