للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: وَكُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ لَا صَدَقَةَ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ وَاغْتَرَّ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي نَقْلِ هَذَا الِاتِّفَاقِ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَلَا وُجُوبَ بِالِاتِّفَاقِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مَوْجُودٌ مَشْهُورٌ أَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ إخْرَاجُ الْمُسْلِمِ عَنْ قَرِيبِهِ وَعَبْدِهِ الْكَافِرَيْنِ فَلَا يَجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْوُجُوبِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ قَبْلَ ذَلِكَ الْأَوَّلُ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالَ وَهُوَ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَاعْتَرَضَ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لِهَذَا بِقَوْلِهِ «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُهَا عَنْ الْمُسْلِمِ فِي الْكُفَّارِ مِنْ رَقِيقِهِ وَلَا إيجَابُهَا قَالَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هَذَا الْخَبَرُ لَمَا وَجَبَتْ عَلَيْنَا زَكَاةُ الْفِطْرِ إلَّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ رَقِيقِنَا فَقَطْ وَلَكِنْ وَجَدْنَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَعَبْدِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» قَالَ فَأَوْجَبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ الرَّقِيقِ عُمُومًا فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى السَّيِّدِ عَنْ رَقِيقِهِ لَا عَلَى الرَّقِيقِ (قُلْت) يُخَصُّ عُمُومُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِذِكْرِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرَادَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا الْمُؤَدِّيَ.

[فَائِدَة وَقْت خُرُوج الزَّكَاة]

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْلِهِ «وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» أَنَّ الْأَفْضَلَ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى ذَلِكَ فَجَعَلُوا تَأْخِيرَهَا عَنْ الصَّلَاةِ مَكْرُوهًا وَذَلِكَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الِاسْتِحْبَابِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَقَالَ الْقَاضِي مِنْهُمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِمَكْرُوهٍ وَزَادَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ بِالْوُجُوبِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ الصَّلَاةِ وَعِبَارَتُهُ وَوَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إثْرَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مُمْتَدٌّ إلَى أَنْ تَبْيَضَّ الشَّمْسُ وَتَحِلَّ الصَّلَاةُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ أَمَرَ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاسْتِحْبَابِ كَاحْتِمَالِهَا لِلْإِيجَابِ وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةً فِي أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ صِيغَةِ افْعَلْ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَلَمَّا وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ اقْتَصَرْنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ الْأَمْرُ الْمُتَيَقَّنُ وَالزِّيَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>