. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِأَصْحَابِنَا فِيهَا خَمْسَةُ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ يَرْفَعُ غَيْرَ مُكَبِّرٍ ثُمَّ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ مَعَ إرْسَالِ الْيَدَيْنِ وَيُنْهِيهِ مَعَ انْتِهَائِهِ.
(وَالثَّانِي) يَرْفَعُ غَيْرَ مُكَبِّرٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَدَاهُ قَارَّتَانِ ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا وَيَدُلُّ لَهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُنْسَبُ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ ظَاهِرُهَا مُخَالِفٌ لَهُ وَكَأَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَسْتَحْضِرْ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُد هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
(وَالثَّالِثُ) يَبْتَدِئُ الرَّفْعَ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَيُنْهِيهِمَا مَعًا وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ الْمُسَمَّى بِالتَّنْقِيحِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالرَّابِعُ يَبْتَدِئُهُمَا مَعًا وَيُنْهِي التَّكْبِيرَ مَعَ انْتِهَاءِ الْإِرْسَالِ.
(وَالْخَامِسُ) يَبْتَدِئُ الرَّفْعَ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَلَا اسْتِحْبَابَ فِي الِانْتِهَاءِ فَإِنْ فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ أَوْ بِالْعَكْسِ تَمَّمَ الْبَاقِيَ وَإِنْ فَرَغَ مِنْهُمَا حَطَّ يَدَيْهِ وَلَمْ يَسْتَدِمْ الرَّفْعَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ تَبَعًا لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ تَرْجِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَيْسَ هَذَا اخْتِلَافًا بَلْ صَحَّتْ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا فَلْنَقْبَلْ الْكُلَّ وَلْنُجَوِّزْهَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ حَكَى عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ الْكَيْفِيَّاتِ كُلَّهَا عَلَى السَّوَاءِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَإِذَا شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي شَرْحِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْبِدَايَةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ: هَذَا اللَّفْظُ يُشِيرُ إلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْمَحْكِيُّ عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ أَوَّلًا ثُمَّ يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ نَفْيَ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ، وَالنَّفْيُ مُقَدَّمٌ انْتَهَى.
[فَائِدَةٌ كَيْفِيَّةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ» بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ أَوَّلِهِ أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الرَّفْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ «رَفَعَ» أَيْ حَتَّى يُحَاذِيَ الرَّفْعُ مَنْكِبَيْهِ وَفِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ «حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ» وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَأَخَذَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ بِحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute