. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْوَارِدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صِيغَةُ النَّهْيِ، وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَالصِّيغَةُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ هِيَ صِيغَةُ لَا تَفْعَلْ كَمَا قَرَّرْت ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ] ١
(الثَّامِنَةُ) فِيهِ تَحْرِيمُ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِكَوْنِ جَمِيعِهِ ذَهَبًا فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ ذَهَبًا، وَبَعْضُهُ فِضَّةٌ حَرُمَ أَيْضًا حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ كَانَتْ سِنُّ الْخَاتَمِ ذَهَبًا أَوْ كَانَ مُمَوَّهًا بِذَهَبٍ يَسِيرٍ فَهُوَ حَرَامٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ «إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» فَإِنْ قُلْت قَدْ فَصَّلْتُمْ فِي الْمِيثَرَةِ، وَالْقَسِّيِّ، وَقُلْتُمْ بِتَحْرِيمِهَا فِي حَالَةٍ، وَعَدَمِ تَحْرِيمِهَا فِي أُخْرَى، وَجَزَمْتُمْ بِتَحْرِيمِ خَاتَمِ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ مُطْلَقًا فَكَيْفَ صَحَّ ذَلِكَ مَعَ قَرْنِهِ بِهِمَا قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ قَرْنِهِ بِهِمَا أَنْ يُسَاوِيَهُمَا فِي حُكْمِهِمَا فَقَدْ يَقْرِنُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، وَدَلَالَةُ الِاقْتِرَانِ عَلَى التَّسَاوِي فِي الْحُكْمِ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَالْمُزَنِيِّ.
[فَائِدَة لَبِسَ كَفَاف الدِّيبَاج]
(التَّاسِعَةُ) قَوْلُ يَحْيَى بْنِ سِيرِينَ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ هَذَا اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ كَأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَخِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ مِنْهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ التَّعَجُّبَ، وَقَالَ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ هَذَا؟ وَالْوَاوُ مَفْتُوحَةٌ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ مَقْدِرَةٍ لَكِنْ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّ لَهَا صَدْرَ الْكَلَامِ، وَأَصْلُهُ أَلَمْ تَعْرِفْ هَذَا، وَلَمْ تَسْمَعْ هَذَا.
وَقَوْلُهُ نَعَمْ تَصْدِيقٌ لِذَلِكَ الْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ، وَكَفَافُ الدِّيبَاجِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَهُوَ مَجْرُورٌ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ يَحْيَى بْنُ سِيرِينَ بِرِوَايَتِهِ عَنْ عَلِيٍّ بِوَاسِطَةِ عُبَيْدَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ نَهَى عَنْ كَفَافِ الدِّيبَاجِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّاهِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا لَوْ قَالَهُ الصَّحَابِيُّ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ احْتِمَالَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ مَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهُ مَوْقُوفٌ مُتَّصِلٌ، وَجَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعِدَّةِ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحْنَاهُ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ» .
وَعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَشْرِ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ، وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ أَوْ يُجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلُ الْأَعَاجِمِ» ، وَالدِّيبَاجُ بِكَسْرِ الدَّالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute