للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فَفِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ لَهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَكَيْفَ يَكُونُ فَضْلُ النَّفْلِ مُقَدَّمًا عَلَى فَضْلِ الْفَرْضِ؟ فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ.

(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ الثَّانِي أَنْ يُرِيدُ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَذِهِ بِقَدْرِ مَا يَنْتَظِرُهَا انْتَهَى وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ بَعِيدٌ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ» وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى «كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ» وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ» .

وَ (الْجَوَابُ الثَّانِي) أَقْرَبُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَذِهِ النَّوَافِلِ فِي حَالِ انْتِظَارِهِ لِلْجَمَاعَةِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِهَا إذَا لَمْ يَنْتَظِرْ جَمَاعَةً بِأَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا أَوْ اجْتَمَعَ الْجَمَاعَةَ فَالْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الرَّوَاتِبَ مِنْ مُقَدَّمَاتِ الصَّلَاةِ وَسَوَابِقِهَا فَالِاشْتِغَالُ بِهَا لَا يُخْرِجُ الْفَرْضَ عَنْ كَوْنِهِ مَفْعُولًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ صَارَ هَذَا كَالِاشْتِغَالِ بِالطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ وَإِزَالَةِ الْجُوعِ بِالْأَكْلِ وَإِزَالَةِ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَعِدُّ بِهِ لِلدُّخُولِ فِي الْفَرْضِ فَفِعْلُ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ الصَّلَاةَ عَنْ كَوْنِهَا مَفْعُولَةً أَوَّلَ الْوَقْتِ لِأَنَّ فِي سَبْقِ النَّافِلَةِ عَلَى الْفَرِيضَةِ جَلْبُ الْخُشُوعِ إلَيْهَا وَجَبْرُ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ نَقْصٍ فَهُوَ مِنْ هَيْئَتِهَا وَمَصْلَحَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْفَوْرِ] ١

{التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ} قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ كَانَ مَحْمُولًا عَلَيْهِ لَمَا قُدِّمَ قَبْلَ الْمُخَاطَبَةِ بِالصَّلَاةِ شَيْءٌ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّارِعَ بَيَّنَ اتِّسَاعَ الْوَقْتِ وَامْتِدَادَهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالْخِلَافُ فِي دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْفَوْرِ مَعْرُوفٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الْأَفْضَلَ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْ تَكُونَ مَثْنَى]

{الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ} اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْ تَكُونَ مَثْنَى أَيْ يُسَلِّمُ مِنْ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ النَّوَافِلَ بَعْضُهَا لَيْلِيَّةٌ وَبَعْضُهَا نَهَارِيَّةٌ وَكُلُّهَا رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>