للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ» وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ «خَلَقَ يَاقُوتَةً خَضْرَاءَ فَنَظَرَ إلَيْهَا بِالْهَيْبَةِ فَصَارَتْ مَاءً يَرْتَعِدُ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلِذَلِكَ يَرْتَعِدُ الْمَاءُ إلَى الْآنَ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا؛ ثُمَّ خَلَقَ الرِّيحَ فَجَعَلَ الْمَاءَ عَلَى مَتْنِهَا ثُمَّ وَضَعَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ» وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧] عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ، قَالَ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ.

{الثَّامِنَةُ} قَوْلُهُ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ هُوَ بِالْقَافِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ كَذَا ضَبَطْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إنَّهُ الْمَوْجُودُ لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ. قَالَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ. قَالَ وَمَعْنَاهُ الْمَوْتُ.

(قُلْت) لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِالْمَوْتِ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِيَتَنَاوَلَ قَبْضَ الرِّزْقِ وَغَيْرَهُ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْقَابِضُ وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ الَّذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ عَنْ الْعِبَادِ بِلُطْفِهِ وَحِكْمَتِهِ وَيَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ عِنْدَ الْمَمَاتِ، وَالتَّفْسِيرُ بِالْأَعَمِّ مُنَاسِبٌ لِذِكْرِهِ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى إلَى آخِرِهِ، وَرُوِيَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْفَيْضُ بِالْفَاءِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَالضَّادُ الْمُعْجَمَةُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْقَابِسِيِّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ الْفَيْضُ أَوْ الْقَبْضُ عَلَى الشَّكِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ إنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْإِحْسَانُ وَالْعَطَاءُ وَالرِّزْقُ الْوَاسِعُ.

قَالَ وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْقَبْضِ الَّذِي فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَيْ الْمَوْتُ. قَالَ الْبَكْرَاوِيُّ الْفَيْضُ الْمَوْتُ قَالَ الْقَاضِي قَيْسٌ يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ بِالضَّادِ إذَا مَاتَ، وَطَيْءٌ تَقُولُ فَاظَتْ نَفْسُهُ بِالظَّاءِ وَقِيلَ مَتَى ذُكِرَتْ النَّفْسُ فَبِالضَّادِ وَإِذَا لَمْ تُذْكَرْ فَبِالظَّاءِ وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ ثُمَّ يَكُونُ أَثَرُ ذَلِكَ الْفَيْضِ قَبْلَ الْمَوْتِ انْتَهَى.

[فَائِدَة تَقْدِيرِ الرِّزْقِ بِيَدِ اللَّه]

{التَّاسِعَةُ} قَوْلُهُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ قِيلَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْدِيرِ الرِّزْقِ يُقَتِّرُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَيُوَسِّعُهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ يَكُونَانِ عِبَارَةً عَنْ تَصَارِيفِ الْمَقَادِيرِ بِالْخَلْقِ بِالْعِزَّةِ وَالذُّلِّ كَمَا قَالَ {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: ٢٦] ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْخَافِضُ وَالرَّافِعُ وَفُسِّرَ الْخَافِضُ بِأَنَّهُ الَّذِي يَخْفِضُ الْجَبَّارِينَ وَالْفَرَاعِنَةَ أَيْ يَضَعُهُمْ وَيُهِينُهُمْ وَيَخْفِضُ كُلَّ شَيْءٍ يُرِيدُ خَفْضَهُ وَفُسِّرَ الرَّافِعُ بِأَنَّهُ الَّذِي يَرْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِسْعَادِ وَأَوْلِيَاءَهُ بِالتَّقْرِيبِ.

{الْعَاشِرَةُ} ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ لَفْظَ الْحَدِيثِ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>