. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِاسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى أَمْنِ أَمَتِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ مُسْتَجَابَةٌ وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسُوا آمِنِينَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالِاسْتِعَاذَةُ إنَّمَا كَانَتْ لِأَهْلِ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأُمَّةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ لِبَعْضِهَا وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: ٦٥] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا إنَّهَا كَائِنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي عَامِرٍ أَوْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ الْفَقِيرُ لِحَاجَتِهِ فَيَقُولُونَ ارْجِعُوا إلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعِلْمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَقَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ هِيَ أَرْبَعُ خِلَالٍ وَكُلُّهُنَّ عَذَابٌ وَكُلُّهُنَّ وَاقِعٌ قَبْلُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَضَتْ اثْنَتَانِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً لُبِسُوا شِيَعًا وَأُذِيقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ وَثِنْتَانِ وَاقِعَتَانِ لَا مَحَالَةَ الْخَسْفُ وَالرَّجْمُ
[فَائِدَة الْمُرَادِ بِالْعَذَابِ مِنْ فَوْقِ وَمِنْ تَحْتِ الْأَرْجُلِ] ١
(التَّاسِعَةُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْعَذَابِ مِنْ فَوْقِ وَمِنْ تَحْتِ الْأَرْجُلِ فَتَقَدَّمَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْعَذَابَ مِنْ فَوْقِ الرَّجْمُ وَمِنْ تَحْتِ الْأَرْجُلِ الْخَسْفُ وَكَذَا حَكَى السُّدِّيَّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَكَذَا حُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ فَوْقِكُمْ وُلَاةُ الْجَوْرِ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ سَفَلَةُ السُّوءِ وَخَدَمَةُ السُّوءِ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ هَذِهِ كُلُّهَا أَمْثِلَةٌ لَا أَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودُ إذْ هَذِهِ وَغَيْرُهَا مِنْ الْقُحُوطِ وَالْعَرَقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ قُلْت لَا عُمُومَ فِي اللَّفْظِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَكَأَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّفْخِيمِ وَالْمُرَادُ نَوْعٌ مِنْ الْعَذَابِ لَا يُدْرَكُ كُنْهُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ قَوْلُهُ {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: ٦٥] يَعْنِي الصَّيْحَةَ وَالْحِجَارَةَ وَالرِّيحَ وَالطُّوفَانَ كَمَا فُعِلَ بِعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ شُعَيْبٍ وَقَوْمِ لُوطٍ وَقَوْمِ نُوحٍ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بَعْدَئِذٍ الْأَنْوَاعَ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً مِنْ اللَّفْظِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ نَوْعٌ آخَرُ غَيْرُ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ مِمَّا عُذِّبَ بِهِ مَنْ تَقَدَّمَ أَوْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute