. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
غَيْرُ قَادِحٍ فِي صِحَّتِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ.
[فَائِدَة التَّزَاوِيقِ وَالنُّقُوشِ فِي الْمَسَاجِدِ] ١
{الْخَامِسَةُ} قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ كَرَاهَةُ التَّزَاوِيقِ وَالنُّقُوشِ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَوَيْنَا فِي الْمَصَاحِفِ لِابْنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ إذَا زَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وَحَلَّيْتُمْ مُصْحَفَكُمْ فَعَلَيْكُمْ الدَّمَارُ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرْفُوعًا «مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ إلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاَللَّهِ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
{السَّادِسَةُ} اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ غَرْسِ الْأَشْجَارِ فِي الْمَسَاجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الْمُصَلِّي بِذَلِكَ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ يُكْرَهُ غَرْسُ الشَّجَرِ فِيهِ فَإِنْ غَرَسَ قَطَعَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْبَغَوِيُّ فِي الْفَتَاوَى بِالتَّحْرِيمِ وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا بَعْدَ غَرْسِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَسْجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة قَبُولُ الْهَدَايَا مِنْ الْأَصْحَابِ] ١
{السَّابِعَةُ} فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ بَعَثَ بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَإِذَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهَا أَلْهَتْهُ عَنْ صَلَاتِهِ مَعَ قُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ لَا تَشْغَلُ أَبَا جَهْمٍ عَنْ صَلَاتِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ بِهَا إلَيْهِ لِيَلْبَسَهَا فِي الصَّلَاةِ بَلْ لِيَنْتَفِعَ بِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ لِعُمَرَ «إنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إلَيْك لِتَلْبَسَهَا» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّامِنَةُ} قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ فِيهِ سَدُّ الذَّرَائِعِ وَالِانْتِزَاعُ عَمَّا يَشْغَلُ الْإِنْسَانَ عَنْ أُمُورِ دِينِهِ.
{التَّاسِعَةُ} قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آنَسَ أَبَا جَهْمٍ حِينَ رَدَّهَا إلَيْهِ بِأَنْ سَأَلَهُ ثَوْبًا مَكَانَهَا لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ هَدِيَّتَهُ اسْتِخْفَافًا بِهِ وَلَا كَرَاهِيَةً لِلُبْسِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ نَحْوَهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَفِيهِ قَبُولُ الْهَدَايَا مِنْ الْأَصْحَابِ وَاسْتِدْعَاؤُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْبِجَانِيَّةَ أَبِي جَهْمٍ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ وَمُبَاسَطَةً مَعَهُ وَهَذَا مَعَ مَنْ يُعْلَمُ طِيبُ نَفْسِهِ وَصَفَاءُ وُدِّهِ جَائِزٌ قُلْتُ قَدْ ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ أَنَّ الْخَمِيصَةَ وَالْأَنْبِجَانِيَّة كِلَاهُمَا كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَوَى بِإِسْنَادٍ لَهُ مُرْسَلٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُتِيَ بِخَمِيصَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَلَبِسَ إحْدَاهُمَا وَبَعَثَ الْأُخْرَى إلَى أَبِي جَهْمٍ ثُمَّ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى أَبِي جَهْمٍ فِي تِلْكَ الْخَمِيصَةِ وَبَعَثَ إلَيْهِ الَّتِي لَبِسَهَا وَلَبِسَ هُوَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ أَبِي جَهْمٍ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا أَبُو جَهْمٍ لِبْسَاتٍ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْحَدِيثِ أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ «أَنَّ أَبَا جَهْمٍ أَهْدَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ فَشَغَلَتْهُ فِي الصَّلَاةِ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute