وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
[طرح التثريب]
لِلْعُمُومِ لِمَا خَلَقَهُ وِتْرًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَمَعْنَى مَحَبَّتِهِ لَهُ أَنَّهُ خَصَّصَهُ بِذَلِكَ لِحِكْمَةٍ عَلِمَهَا، وَأُمُورٍ قَدَّرَهَا قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَقِيلَ هُوَ صَلَاةُ الْوِتْرِ، وَقِيلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَقِيلَ آدَم، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَكَافِئَةٌ، وَأَشْبَهَ مَا تَقَدَّمَ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي وَجْهٌ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ أَنَّ الْوِتْرَ يُرَادُ بِهِ التَّوْحِيدُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَكَمَالِهِ وَاحِدٌ، وَيُحِبُّ التَّوْحِيدَ أَيْ أَنْ يُوَحَّدَ، وَيُعْتَقَدُ انْفِرَادُهُ بِهِ دُونَ خَلْقِهِ فَيَلْتَئِمُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرُهُ وَظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ انْتَهَى.
[حَدِيث وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا]
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ، وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(الثَّانِيَةُ) أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَلِفِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى كَقَوْلِهِ: وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ أَوْ أُصَلِّي لَهُ أَوْ وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ أَوْ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ فِيمَا إذَا نَوَى اللَّهَ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَالَ قَصَدْت غَيْرَهُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا قَطْعًا، وَلَا بَاطِنًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.
[فَائِدَة الْخَوْفِ وَشِدَّةِ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَعِظَمِهِ] ١
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ تَرْجِيحُ جَانِبِ الْخَوْفِ، وَشِدَّةِ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَعِظَمِهِ، وَفِيهِ تَمَيُّزُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَعَارِفَ قَلْبِيَّةٍ وَبَشَرِيَّةٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ، وَحَظُّ الْأُمَّةِ مِنْهَا مَعْرِفَتُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ فَإِنَّ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى تَفَاصِيلِهَا، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute