للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ إلْحَاقَ هَذَا الْوَلَدِ بِزَمْعَةَ لِلْفِرَاشِ الَّذِي قَدْ عُلِمَ بِثُبُوتِ الْوَطْءِ لَا بِاسْتِلْحَاقِ الْأَخِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الْأَمَةُ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ] ١

(الْخَامِسَةُ) فِيهِ أَنَّ الْأَمَةَ تَكُونُ فِرَاشًا، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِهَا فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْوَطْءِ فَإِذَا اعْتَرَفَ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَأَنْ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ فَإِذَا أَتَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ بِوَلَدٍ أَوْ أَوْلَادٍ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ لَحِقُوهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ كَالزَّوْجَةِ إلَّا أَنَّ تِلْكَ فِرَاشٌ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَالْأَمَةُ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ تُرَادُ لِلْوَطْءِ خَاصَّةً فَجُعِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَالْوَطْءِ.

وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتُرَادُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَأَنْوَاعٍ مِنْ الْمَنَافِعِ غَيْرَ الْوَطْءِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ أُخْتَيْنِ، وَأُمًّا، وَبِنْتَهَا، وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَمْ تَصِرْ بِنَفْسِ الْمِلْكِ فِرَاشًا حَتَّى يَطَأَهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا، وَاسْتَلْحَقَهُ فَمَا تَأَتَّى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْحَقُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ، وَاعْتَبَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ اعْتِرَافَهُ بِوَطْئِهَا فِي كُلِّ وَلَدٍ تَأْتِي بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَهَلْ يَلْحَقُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ قَالَ: وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوَّلًا فَاسْتَلْحَقَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ مَا بَعْدَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَقِيلَ يَلْحَقُهُ اهـ.

وَهَذَا غَيْرُ الْمَذْهَبَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فَإِنَّهُ اكْتَفَى بِالِاعْتِرَافِ بِالْوَطْءِ أَوَّلًا عَنْ الِاسْتِلْحَاقِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِاسْتِلْحَاقِ وَلَدٍ فِي لِحَاقِ مَا بَعْدَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِزَمْعَةَ وَلَدٌ آخَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ قَبْلَ هَذَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِنْ قِيلَ فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ زَمْعَةَ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ثَبَتَ مَصِيرُ أَمَةِ أَبِيهِ فِرَاشًا لِزَمْعَةَ فَلِهَذَا أَلْحَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأُمِّ أَنَّ بَعْضَ الْمَشْرِقِيِّينَ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - انْتَفَى مِنْ وَلَدِ جَارِيَةٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ حَمْلَ جَارِيَةٍ لَهُ أَقَرَّتْ بِالْمَكْرُوهِ.

وَأَمَّا زَيْدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَعَرَفَا أَنْ لَيْسَ مِنْهُمَا فَحَلَالٌ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ لِزَوْجِ الْحُرَّةِ إذَا عَلَّمَ أَنَّهَا حَبِلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>