. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَإِنَّ الْمِثْلَ مُذَكَّرٌ وَلَكِنَّ ذَلِكَ لِتَأْوِيلِهِ بِالْحَسَنَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة هَلْ الْمُرَاد أَنَّ تُكْتَب لَهُ عَشْر حَسَنَات مَضْمُومَة لِلْحَسَنَةِ عَلَى الْهَمّ] ١
(السَّادِسَةُ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ تُكْتَبُ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ مَضْمُومَةٌ إلَى الْحَسَنَةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى الْهَمِّ، أَوْ يُكَمَّلُ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، أَوْ يَنْتَظِرُ الْمَلَكُ بِكِتَابَةِ الْهَمِّ فَإِنْ حَقَّقَهُ كَتَبَ عَشْرًا، وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْهُ كَتَبَ وَاحِدًا فِيهِ احْتِمَالٌ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ.
(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «إلَى سَبْعِمِائَةِ» ضِعْفٍ فِيهِ أَنَّ التَّضْعِيفَ قَدْ يَنْتَهِي إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَهَذَا جُودٌ وَاسِعٌ وَكَرَمٌ مَحْضٌ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ» ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّضْعِيفَ لَا يَقِفُ عَلَى سَبْعِمِائَةٍ بَلْ قَدْ يَزِيدُ عَلَيْهَا لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى زِيَادَتَهُ لَهُ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١] بِهَذَا التَّضْعِيفِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّضْعِيفَ لَا يَقِفُ عَلَى سَبْعِمِائَةٍ وَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّضْعِيفَ لَا يُجَاوِزُ سَبْعِمِائَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ غَلَطٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ انْتَهَى.
وَقَدْ وَرَدَ التَّضْعِيفُ بِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ (الثَّامِنَةُ) تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» اسْتِثْنَاءُ الصِّيَامِ مِنْ حَصْرِ التَّضْعِيفِ فِي قَدْرٍ مَخْصُوصٍ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ.
[فَائِدَة حَدِيثَ النَّفْسِ وَالْخَوَاطِرَ لَا يُؤَاخِذُ بِهَا] ١
(التَّاسِعَةُ) فِي قَوْلِهِ «فَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَفْعَلْهَا» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ وَالْخَوَاطِرَ لَا يُؤَاخِذُ بِهَا، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يَسْتَقِرُّ مِنْ الْخَوَاطِرِ وَلَا يَقْتَرِنُ بِهِ عَزْمُ مُصَمِّمٍ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ عَزْمًا مُصَمَّمًا فَاخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْخَطِيبِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِقَلْبِهِ وَوَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا أَثِمَ بِاعْتِقَادِهِ وَعَزْمِهِ وَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمْثَالِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنَّمَا مَرَّ ذَلِكَ بِفِكْرِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْرَارٍ وَيُسَمَّى هَذَا وَهْمًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute