للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَصُبُّ عَلَى الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَصَفَ النَّاسُ الْغُسْلَ وَأَحْصَى الْخَلْقَ لَهُ مِلْكٌ؛ لِأَنَّ النَّازِلَةَ كَانَتْ فِي بَلَدِهِ، وَوَقَعَتْ لِجِيرَانِهِ فَتَقُولُهَا وَقَدْ حَصَّلَهَا مُشَاهَدَةً وَخَبَرًا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إزَارِهِ، وَهُوَ مَا يَلِي الْبَدَنَ مِنْ الْإِزَارِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِ وَمَنْ قَالَ لَا يَجْعَلُ الْإِنَاءَ فِي الْأَرْضِ وَيَغْسِلُ كَذَا بِكَذَا فَهُوَ كُلُّهُ تَحَكُّمٌ وَزِيَادَةٌ.

[فَائِدَة هَلْ للغسل مَعْنَى يَعْرِف أُمّ لَا يمكن تَعْلِيله] ١

{السَّابِعَةُ} قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهِ، وَلَيْسَ مِنْ قُوَّةِ الْعَقْلِ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَسْرَارِ الْمَعْلُومَاتِ كُلِّهَا فَلَا يُدْفَعُ هَذَا بِأَنْ لَا يُعْقَلَ مَعْنَاهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ.

فَإِنْ قِيلَ: وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي الِاغْتِسَالِ وَصَبِّ مَائِهِ عَلَى الْمُعَيَّنِ وَأَيُّ مُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا؟ (قُلْنَا) إنْ قَالَ: هَذَا مُسْتَفْسَرٌ، قُلْنَا لَهُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ قَالَهُ مُتَفَلْسِفٌ قِيلَ لَهُ انْكِصْ الْقَهْقَرَى أَلَيْسَ عِنْدَكُمْ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ قَدْ تَفْعَلُ بِقُوَاهَا وَطِبَاعِهَا، وَقَدْ تَفْعَلُ بِمَعْنًى لَا يُعْقَلُ فِي الطَّبِيعَةِ وَيَدْعُونَهَا الْخَوَاصُّ، وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا زُكَاءُ خَمْسَةِ آلَافٍ فَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ هَذَا فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِيهَا مِنْ طَرِيقِ الْخَاصَّةِ لَا سِيَّمَا وَالتَّجْرِبَةُ قَدْ عَضَّدَتْهُ، وَالْمُشَاهَدَةُ فِي الْعَيْنِ وَالْمُعَايَنَةُ قَدْ صَدَّقَتْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّقْيَةُ تُصَدِّقُهُ.

{الثَّامِنَةُ} فَائِدَةُ هَذَا الِاغْتِسَالِ وَاسْتِعْمَالِ فَضْلِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ إزَالَةُ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ حُلُولِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ فِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَثَمَّ طَرِيقٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ قَبْلَ وُقُوعِهِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ، وَهُوَ التَّبْرِيكُ عَلَيْهِ فَفِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إذَا رَأَى مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَنْ يُبَرِّكَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَغَيْرُهُمَا.

وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ» .

وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَكِيمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا خَافَ أَنْ يُصِيبَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَلَا تَضُرُّهُ» .

وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ أَيْضًا عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَأَعْجَبَهُ مَا أَعْجَبَهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ» .

وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ التَّبْرِيكَ أَنْ يَقُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>