. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْرَى.
(الثَّانِيَةُ) (الشُّومُ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْوَاوِ وَأَصْلُهَا الْهَمْزَةُ وَلَكِنَّهَا خُفِّفَتْ فَصَارَتْ وَاوًا وَغَلَبَ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ حَتَّى لَمْ يُنْطَقْ بِهَا مَهْمُوزَةً وَكَذَلِكَ ذَكَرَهَا فِي النِّهَايَةِ فِي الشِّينِ مَعَ الْوَاوِ وَذَكَرَهَا غَيْرُهُ فِي الشِّينِ مَعَ الْهَمْزَةِ عَلَى أَصْلِهَا وَالشُّومُ ضِدُّ الْيُمْنِ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالْمُحْكَمِ وَالنِّهَايَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الشُّومُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّحْسُ وَكَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: ١٦] قَالُوا مَشَائِيمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ نَحِسَاتٍ ذَاتُ نُحُوسٍ مَشَائِيمَ. .
[فَائِدَة فِي مَعْنَى الشُّومِ] ١
(الثَّالِثَةُ) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) إنْكَارُهُ وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ مُعْتَقَدِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُحَدِّثُ بِذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَارَتْ شُقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشُقَّةٌ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَتْ: كَذَبَ وَاَلَّذِي أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِهَذَا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ» ثُمَّ قَرَأَتْ عَائِشَةُ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢] قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: (وَكَذَبَ) فِي كَلَامِهَا بِمَعْنَى غَلِطَ، ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَبَرًا عَمَّا كَانَتْ تَعْتَقِدُهُ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا عَلَى مَا قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ نَسَخَ وَأَبْطَلَهُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَنُ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ كَانَ الشُّومُ فِي شَيْءٍ فَهُوَ فِيمَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ يَعْنِي اللِّسَانَ، وَمَا شَيْءٌ أَحْوَجُ إلَى طُولِ سِجْنٍ مِنْ لِسَانٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَمَّا حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ بَعْضِهِمْ هُوَ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُبْعَثْ لِيُخْبِرَ عَنْ النَّاسِ بِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ وَإِنَّمَا بُعِثَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ بِمَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْلَمُوهُ وَيَعْتَقِدُوهُ، وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ عَنْ عَادَةِ مَا يُتَشَاءَمُ بِهِ لَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الشَّرْعِ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَعْطِيلٌ لِكَلَامِ الشَّارِعِ عَنْ الْفَوَائِدِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لِبَيَانِهَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا فِي الشُّومِ فَيُجْرِي: اللَّهُ تَعَالَى الشُّومَ عِنْدَ وُجُودِهَا بِقَدَرِهِ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ قَرَأَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَك ابْنُ الْقَاسِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute