. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْعَدَدِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَلِمَنْ قَالَ بِهِ أَنْ يُجِيبَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَهُ بِالزِّيَادَةِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ لَمَّا حَدَّثَ بِبَعْضِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ حُكْمُ الْخِتَانِ] ١
(الثَّامِنَةُ) الْخِتَانُ هُوَ قَطْعُ الْغُلْفَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ مِنْ الرَّجُلِ وَقَطْعُ بَعْضِ الْجِلْدَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَيُسَمَّى خِتَانُ الرَّجُلِ إعْذَارًا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالرَّاءِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ خَفْضًا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْفَاءِ، وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ؟ .
فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى وُجُوبِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سَحْنُونٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ سُنَّةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ بِحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ يَدُورُ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ.
(قُلْت) : قَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ بِشْرِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَجَابَ مَنْ أَوْجَبَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ هُنَا خِلَافَ الْوَاجِبِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الطَّرِيقَةُ وَاحْتَجُّوا عَلَى وُجُوبِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُخْتُتِنَ إبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ» وَبِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلِ الَّذِي أَسْلَمَ «أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» وَاسْتَدَلَّ ابْنُ شُرَيْحٍ عَلَى وُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ فَلَوْلَا أَنَّ الْخِتَانَ فَرْضٌ لَمَا أُبِيحَ النَّظَرُ إلَيْهَا مِنْ الْمَخْتُونِ وَنَقَضَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِجَوَازِ نَظَرِ الطَّبِيبِ وَلَيْسَ الطِّبُّ وَاجِبًا إجْمَاعًا وَاحْتَجَّ الْقَفَّالُ لِوُجُوبِهِ بِأَنَّ بَقَاءَ الْغُلْفَةِ تَحْبِسُ النَّجَاسَةَ وَتَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فَتَجِبُ إزَالَتُهَا وَشَبَّهَهُ بِالنَّجَاسَةِ فِي بَاطِنِ الْفَمِ وَقَاسَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَقَالَ هُوَ قَطْعُ جُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ لَا يُسْتَخْلَفُ تَعَبُّدًا فَوَجَبَ كَالْقَطْعِ وَاحْتُرِزَ بِعَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ عَنْ الشَّعْرِ، وَالظُّفْرِ وَبِالتَّعَبُّدِ عَلَى الْقَطْعِ لِلْآكِلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ.
(التَّاسِعَةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute