للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِي اسْتِحْبَابِ الِاضْطِجَاعِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَالْجَوَابُ الثَّانِي) مِنْ أَجْوِبَةِ الْمُنْكِرِينَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ إلَى الرَّاحَةِ وَالتَّنَشُّطِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ ذَكَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَأَوَامِرُ الشَّارِعِ مَحْمُولَةٌ فِي الْأَغْلَبِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ دُونَ الْبَدَنِيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الِاضْطِجَاعَ سُنَّةٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاضْطِجَاعِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ بِالِاضْطِجَاعِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَبْلَهَا فَلَا يُخَالِفُ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاضْطِجَاعِ قَبْلَهَا أَنْ لَا يَضْطَجِعَ بَعْدَهَا وَلَعَلَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَرَكَ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ لَوْ ثَبَتَ التَّرْكُ وَلَمْ يَثْبُتْ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَضْطَجِعُ قَبْلُ وَبَعْدُ وَإِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فِي الْأَمْرِ بِالِاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا مَعَ رِوَايَاتِ الْفِعْلِ الْمُوَافِقَةِ لِلْأَمْرِ بِهِ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ لَمْ يَجُزْ رَدُّ بَعْضِهَا وَقَدْ أَمْكَنَ بِطَرِيقِينَ أَشَرْنَا إلَيْهِمَا.

(أَحَدُهُمَا) إنَّهُ اضْطَجَعَ قَبْلُ وَبَعْدُ.

(وَالثَّانِي) أَنَّهُ تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

[فَائِدَة الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ] ١

(السَّابِعَةُ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ» انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ «فِي بَيْتِهِ» لَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَكَأَنَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَإِنَّ سِيَاقَ حَدِيثِهَا دَالٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي اللَّيْلِ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ كَمَا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ أَشَارَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ إلَى أَنَّ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنَّمَا يُشْرَعُ إذَا كَانَتْ صَلَاتُهُمَا فِي الْبَيْتِ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلِاسْتِرَاحَةِ بِخِلَافِ الِاضْطِجَاعِ فِي الْمَسْجِدِ خُصُوصًا مَعَ تَرْصِيصِ الصُّفُوفِ لِلصَّلَاةِ فَرُبَّمَا اُسْتُقْبِحَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَلِذَلِكَ أَنْكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ حَصَبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُنْكِرُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِعْلَهُ لِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَجِيءُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ وَيَضَعُ جَنْبَهُ فِي الْأَرْضِ وَيَدْخُلُ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ وَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَذْكُرُ هَذَا فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ أَوْ الِاسْتِشْهَادِ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَفْعَلُهُ لَوْ ثَبَتَ وَلَوْ عَرَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>