. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
هَذَا الْوَجْهِ، الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي، وَأَمَتِي كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إمَاءُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي» ، وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي فَإِنَّ كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ فَتَايَ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي» ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي وَلَا الْمَوْلَى رَبِّي وَرَبَّتِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ الْمَالِكُ فَتَايَ وَفَتَاتِي وَالْمَمْلُوكُ سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي فَإِنَّكُمْ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللَّهُ» .
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ نَهْيُ الْمَمْلُوكِ أَنْ يَقُولَ لِسَيِّدِهِ رَبٍّ وَكَذَلِكَ نَهْيُ غَيْرِهِ فَلَا يَقُلْ أَحَدٌ لِلْمَمْلُوكِ رَبَّك وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقُولُ اسْقِ رَبَّك فَيَضَعُ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لِنَفْسِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالنَّهْيِ مِنْ قَوْلِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ عَنْ السَّيِّدِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الرُّبُوبِيَّةَ حَقِيقَتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الرَّبَّ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ الْقَائِمُ بِالشَّيْءِ وَلَا يُوجَدُ هَذَا حَقِيقَةً إلَّا فِي اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ السَّيِّدِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: ٤٢] وَ {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: ٥٠] {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: ٢٣] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا أَوْ رَبَّهَا.» قُلْت أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الثَّانِيَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَأَنَّ النَّهْيَ فِي الْأَوَّلِ لِلْأَدَبِ وَالتَّنْزِيهِ دُونَ التَّحْرِيمِ. (ثَانِيهِمَا) أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ الْإِكْثَارِ مِنْ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَاِتِّخَاذِهَا عَادَةً شَائِعَةً، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ إطْلَاقِهَا فِي نَادِرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْجَوَابَ الثَّانِيَ.
(الثَّالِثَةُ) ذِكْرُ السَّقْيِ وَالْإِطْعَامِ وَالْوُضُوءِ أَمْثِلَةٌ وَالْمَقْصُودُ بِالنَّهْيِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الرَّبِّ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَيَجُوزُ فِي هَمْزَةِ اسْقِ الْوَصْلُ وَالْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا.
[فَائِدَة قَوْلَ الْمَمْلُوكُ عَنْ مَالِكِهِ سَيِّدِي] ١
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ عَنْ مَالِكِهِ سَيِّدِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ السَّيِّدِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute