. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَلَا حَرَجَ.
[فَائِدَةٌ الْحِكْمَة فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ] ١
(السَّادِسَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَعَلْتُهُ إعْظَامًا لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ اسْتِكَانَةٌ وَاسْتِسْلَامٌ وَانْقِيَادٌ وَكَانَ الْأَسِيرُ إذَا غُلِبَ مَدَّ يَدَيْهِ إعْلَامًا بِاسْتِسْلَامِهِ وَقِيلَ: هُوَ إشَارَةٌ إلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَقِيلَ: إشَارَةٌ إلَى طَرْحِ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى صَلَاتِهِ وَمُنَاجَاةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ فَتَطَابَقَ فِعْلُهُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ: إشَارَةٌ إلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا الْأَخِيرُ يَخْتَصُّ بِالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي أَكْثَرِهَا نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَهَذَا الْمَعْنَى الْأَخِيرُ وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ قَدْ ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ وَهُوَ إعْلَامُ الْأَصَمِّ وَنَحْوِهِ بِذَلِكَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْمُهَلَّبِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى نَفْيِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ: فِيهِ أَقْوَالٌ أَنْسَبُهَا مُطَابِقَةُ قَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ لِفِعْلِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَغَيْرِهِ خُضُوعٌ وَاسْتِكَانَةٌ وَابْتِهَالٌ وَتَعْظِيمٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاتِّبَاعٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَرَفْعُ الْأَيْدِي فِيهَا وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ كَانَ يُقَالُ: لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَرَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَحِينَ تُرِيدُ أَنْ تَرْكَعَ وَحِينَ تُرِيدُ أَنْ تَرْفَعَ وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لَهُ بِكُلِّ إشَارَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ أُصْبُعٍ حَسَنَةٌ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ مَا مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: مِثْلُ مَعْنَى رَفْعِهِمَا عِنْدَ الِافْتِتَاحِ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ يُرْجَى فِيهَا ثَوَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِثْلُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَغَيْرِهِمَا.
(السَّابِعَةُ) ذَكَرَ الْإِمَام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ شَيْخِهِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَبَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ» وَأَنَّهُ قَالَ مَرَّةً «وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ» وَاَلَّذِي رَوَاهُ غَيْرُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ «وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ» كَذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute