الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي أَقْبَلْت إلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْت صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدْ انْقَطَعَ فَرَجَعْت فَالْتَمَسْت عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ بِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْت أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ، قَالَتْ وَكَانَ
ــ
[طرح التثريب]
طَرِيقِهِ وَالْأُخْرَى أَنْفَعُ لَهُ فِي بَيْتِهِ وَمَالِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَاَلَّذِي يَقَعُ لِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخِلَافٍ فِي أَصْلِ الْقُرْعَةِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا هَذَا لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، فَإِذَا كَانَ فِيهِنَّ مَنْ تَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَمَنْ لَا تَصْلُحُ تَعَيَّنَ مَنْ تَصْلُحُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ أَنْ يُسَافِرَ بِمَنْ لَا تَصْلُحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ أَوْ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ «وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ:» وَإِنَّمَا تَدْخُلُ الْقُرْعَةُ إذَا كَانَ كُلُّهُنَّ صَالِحَاتٌ لِلسَّفَرِ فَحِينَئِذٍ تَتَعَيَّنُ الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ لَخِيفَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَيْلًا إلَيْهَا وَلَكَانَ لِلْأُخْرَى مُطَالَبَتُهُ بِحَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا خَرَجَ بِمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ انْقَطَعَتْ حُجَّةُ الْأُخْرَى وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُ وَطَابَ قَلْبُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ]
(السَّادِسَةُ) : قَوْلُهَا «فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةِ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي:» فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَخُرُوجُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْغَزْوِ مُبَاحٌ إذَا كَانَ الْعَسْكَرُ كَثِيرًا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْغَلَبَةُ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ لِيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى» .
(السَّابِعَةُ) : هَذِهِ الْغَزَاةُ هِيَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ وَكَانَتْ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ وَسَنَزِيدُ ذَلِكَ إيضَاحًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مَعَهُ وَحْدَهَا بَلْ خَرَجَتْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ أَيْضًا أُمُّ سَلَمَةَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي السِّيَرِ.
[فَائِدَة رُكُوب النِّسَاءِ فِي الْهَوَادِجِ وَخِدْمَة الرِّجَالِ لَهُنَّ] ١
(الثَّامِنَةُ) : قَوْلُهَا «فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا:» بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَفِيهِ جَوَازُ رُكُوبِ النِّسَاءِ فِي الْهَوَادِجِ وَجَوَازِ خِدْمَةِ الرِّجَالِ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute