. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَهُ لِأَنَّهَا لِمَ تَأْتِ شَاكِيَةً زَوْجَهَا، وَطَالَبَتْهُ فَسْخَ نِكَاحِهِ بِالْعُنَّةِ فَإِنَّهُ طَلَّقَهَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي سُقْنَاهَا مِنْ الْمُوَطَّإِ، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا حَتَّى تَذُوقِي مِنْ عُسَيْلَتِهِ» قَالَ، وَهُوَ حَدِيثٌ لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِي نَاقِلِيهِ (قُلْت) وَالتَّصْرِيحُ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ تُرِيدُهُ فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ طَلَّقَهَا فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ لَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُصْدِقْهَا عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ كَذَبَتْ وَاَللَّهِ إنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى رِفَاعَةَ.
[فَائِدَة إرَادَةَ الْمَرْأَةِ الرُّجُوعَ إلَى زَوْجِهَا لَا يَضُرُّ الْعَاقِدَ عَلَيْهَا]
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي قَوْلِهِ «تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إرَادَةَ الْمَرْأَةِ الرُّجُوعَ إلَى زَوْجِهَا لَا يَضُرُّ الْعَاقِدَ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّحْلِيلِ الْمُسْتَحِقِّ صَاحِبُهُ اللَّعْنَةَ.
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ اشْتِرَاطَ الْوَطْءِ فِي التَّحْلِيلِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ الْعَقْدُ إلَّا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ مَعًا، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّحْلِيلُ فِي الْأَيْمَانِ إلَّا بِأَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ، وَأَنَّ التَّحْرِيمَ يَقَعُ بِأَقَلِّ شَيْءٍ أَلَا تَرَى أَنَّ تَحْرِيمَ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْأَبِ وَالِابْنِ يَحْصُلُ لِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَلَوْ طَلَّقَ بَعْضَ امْرَأَتِهِ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ بَعْضِهَا لَزِمَهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ، وَلَوْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ بَعْضَ نِكَاحٍ أَوْ عَلَى بَعْضِ امْرَأَةٍ نِكَاحًا لَمْ يَصِحَّ قَالَ، وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَحْصُلُ فِي الرَّبِيبَةِ بِالْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ الدُّخُولُ (قُلْت) وَأَلْزَمَ ابْنُ حَزْمٍ الْمَالِكِيَّةَ أَنْ يَقُولُوا بِقَوْلِ الْحَسَنِ فِي اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ لِاعْتِبَارِهِمْ فِي التَّحْلِيلِ بِأَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute