. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الِاسْتِدْلَالَ قَالَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ فَتَخْرُجَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إيقَاعُ طَلْقَتَيْنِ فِي فَرْدٍ وَاحِدٍ قَالَ، وَتَأَوَّلَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ الْخَبَرَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ لِئَلَّا تَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْمُرَاجَعَةَ لَمْ تَكُنْ يَنْفَعُهَا حِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْمُرَاجَعَةِ، وَإِذَا جَامَعَهَا لَمْ يَكُنْ أَنْ يُطَلِّقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ السُّنِّيَّ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ انْتَهَى.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ جَمْعَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِدْعَةٌ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ، وَبِهِ قَالَ دَاوُد، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
[فَائِدَة الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ] ١
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» أَيْ فِيهَا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِطَلَاقِهِنَّ فِي الْحَيْضِ بَلْ حَرَّمَهُ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ هِيَ الْحَيْضُ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِهِ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ تَعُودُ إلَى الْحَيْضَةِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ بَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ، وَإِنَّمَا الْإِشَارَةُ إلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ حَالَةُ الطُّهْرِ أَوْ إلَى الْعِدَّةِ.
وَقَالَ الذَّاهِبُونَ إلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ مَنْ قَالَ بِالْأَطْهَارِ، وَجَعَلَهَا قُرْأَيْنِ، وَبَعْضَ الثَّالِثِ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، وَنَحْنُ نَشْتَرِطُ ثَلَاثَ حِيَضٍ كَوَامِلَ فَهِيَ أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ، وَلِهَذَا صَارَ الزُّهْرِيُّ مَعَ قَوْلِهِ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ إلَى أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إلَّا بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كَامِلَةٍ، وَلَا تَنْقَضِي بِطُهْرَيْنِ، وَبَعْضِ الثَّالِثِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ انْفَرَدَ بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ طَلَّقَهَا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ يَسِيرَةٌ حَسِبَتْ قُرْءًا، وَيَكْفِيهَا طُهْرَانِ، وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْجَمْعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] ، وَمُدَّتُهُ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ، وَقَالَ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة: ٢٠٣] ، وَالْمُرَادُ يَوْمٌ وَبَعْضُ الثَّانِي.
[فَائِدَة الرَّجْعَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى رِضَى الْمَرْأَةِ وَلَا وَلِيِّهَا وَلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ] ١
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِهِ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى رِضَى الْمَرْأَةِ، وَلَا وَلِيِّهَا، وَلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ، وَهِيَ حَائِضٌ إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute