. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَنْعَ لِلطِّيبِ لَا لِلَّوْنِ وَفِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ ثَوْبٍ مَسَّهُ طِيبٌ ثُمَّ ذَهَبَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ؟ فَقَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبُ زَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ وَفِي رِوَايَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِبَاغُ زَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْمُسْبِغَاتِ لِأَنَّ الْمُسْبِغَاتِ تُنْفَضُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ شَاسٍ لَوْ بَطَلَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ لَمْ يُبَحْ اسْتِعْمَالُهُ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «انْطَلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إزَارَهُ وَرِدَاءَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْدِيَةِ وَالْأُزُرِ تُلْبَسُ إلَّا الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ» .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَلْبَسُوا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَزَعْفَرَانٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَسِيلًا» .
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ (رَأَيْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَهُوَ يَتَعَجَّبُ مِنْ الْحِمَّانِيُّ كَيْفَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ هَذَا عِنْدِي ثُمَّ وَثَبَ مِنْ فَوْرِهِ فَجَاءَ بِأَصْلِهِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كَمَا قَالَ الْحِمَّانِيُّ) اهـ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا أَثَرًا فَإِنْ صَحَّ وَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ وَلَا نَعْلَمُهُ صَحِيحًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِبَاسُهُ أَصْلًا لِأَنَّهُ قَدْ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ الْوَرْسُ اهـ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتَلَفُوا فِي لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ فَغُسِلَ وَذَهَبَ رِيحُهُ وَنَفْضُهُ فَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَرَوَى عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ غُسِلَ وَذَهَبَ لَوْنُهُ اهـ،.
[فَائِدَة أَكَلَ الْمُحْرِم مَا فِيهِ زَعْفَرَانٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ]
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) مَوْرِدُ النَّصِّ فِي اللُّبْسِ فَلَوْ أَكَلَ مَا فِيهِ زَعْفَرَانٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ اسْتَهْلَكَ الطِّيبَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ لَمْ يَحْرُمْ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ ظَهَرَتْ هَذِهِ الْأَوْصَافُ حَرُمَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ بَقِيَتْ الرَّائِحَةُ وَحْدَهَا حَرُمَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ طِيبًا وَإِنْ بَقِيَ الطَّعْمُ وَحْدَهُ فَالْأَظْهَرُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ وَحْدَهُ فَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِ الْخَبِيصِ بِالزَّعْفَرَانِ وَقِيلَ إنْ صَبَغَ الْفَمَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَمَا خُلِطَ بِالطِّيبِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ فَفِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِهِ رِوَايَتَانِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إنْ أَكَلَ الطِّيبَ فِي طَعَامٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute